المواطن المساهم .. في شركة الوطن الكبرى
يسعد المواطن عند سماعه أرقام موازنة الدولة في كل عام، ويسعد أكثر حينما يتحدث الملك عبد الله للوزراء بأن عليهم مراقبة الله والحرص على التنفيذ وخدمة المواطن .. وتظهر بعد ذلك تعليقات الكُتاب والمغرّدين بين متفائل بأنها موازنة خير ونماء .. وبين متشائم بأنه لن يصل المواطن شيءٌ من هذه الأرقام الكبيرة .. وبينهما يقف المعتدلون الذين يرون أن النتائج النهائية إذا نفذت المشروعات والخدمات في وقتها المحدّد وبالمستوى المطلوب فهي لمصلحة المواطن وتصل إليه وتؤثر في حياته.
ويبقى بعد ذلك دور المواطن الذي يشبه إلى حد كبير دور المساهم في شركة .. فالوطن هو الشركة الكبرى التي نسهم فيها جميعاً والحكومة هي إدارة الشركة وعلى المساهم أن يسأل، وأن يطالب بإصدار تقارير ربع سنوية منشورة عن مستوى إنجاز المشروعات وفي نهاية السنة المالية نشر تقرير شامل بما تم إنجازه من الموازنة وشرح مفصل لأسباب أي تعثر أو تأخير لتتولى مراكز القرار العليا محاسبة المقصّرين .. وعلى هيئة مكافحة الفساد وديوان المراقبة العامة أن يقوما بدور هيئة السوق المالية مع الشركات، بحيث تعاقب أي جهة حكومية تتأخّر في نشر تقريرها الربعي أو السنوي، وكم ستكون الأمور أكثر ضبطاً لو استُحدث نظامٌ يسمّى (حوكمة الحكومة) على غرار حوكمة الشركات، وتم تطبيقه بالنسبة للمناقصات والمشتريات وتعاملات الموظفين وأقربائهم مع الجهات الحكومية التي يعملون فيها .. وبالطبع سيكون هناك مَن ستظهر تجاوزاتهم ومخالفاتهم للأنظمة واللوائح والتعليمات، ويخيّر هؤلاء بين الاستقامة أو الاستقالة بعد تطبيق الأنظمة عليهم .. وبالمقابل سيظهر المخلصون الملتزمون بالحوكمة بوازع ديني وبمراقبة ذاتية من ضمائرهم، وهؤلاء يجب أن تتم مكافأتهم والإعلان عنهم كل عام بحيث تزداد رقعة النزاهة وتسلط الأضواء على الفاسدين .. الذين ترتاح أنفسهم في ظل اعتقاد البعض بأن معظم موظفي هذه الجهة أو تلك من الفاسدين بفعل الشائعات والمواقع الإعلامية المرجفة.
وأخيراً: الوطن شركة بين الجميع .. يساهم فيها كل منا بالفطرة منذ ولادته ولا يمكنه أن يبيع أسهمه إلا بالموت أو بالخيانة أو التخلي عن هويته الوطنية .. ولذا فإن الصغير والكبير والمرأة والرجل شركاء لهم حقوقٌ وعليهم واجباتٌ .. ومن هذه الواجبات متابعة الأداء في إدارة شركتهم لكي تحقق النتائج .. ويمكنهم السؤال عن كل شيء بأسلوب مؤدب، وليس كما يسأل بعض المغرّدين مستفزاً بألفاظٍ جارحة ومتهماً دون أيِّ دليل.