التعليم .. ربع الموازنة ووزير جديد
نستقبل عاما جديدا يحظى فيه التعليم بالجديد، فهناك وزير قادم إلى وزارة التربية والتعليم، وهناك أيضا ميزانية للوزارة، وخصص لقطاع التعليم ما يقارب ربع الميزانية أي 25 في المائة منها، ولهذا معنى، بل معان عديدة لا تخفى على من يدرك أهمية التربية والتعليم في صنع الأجيال، ولعل خير ما تشير إليه تلك الكلمات التي صرح بها خادم الحرمين الشريفين موجها حديثه للوزراء، مؤكدا عليهم وعلى جميع المسؤولين في الدولة خدمة المواطنين ومقابلتهم كما يقابلونه شخصيا وخدمتهم بأداء الأعمال التي ينتظرها منهم المواطنون والمواطنات لأداء الأمانة من جانب، ولتحقيق الأهداف التي تسعى إليها الدولة في كل مرافقها وقطاعاتها من جانب آخر.
وللتعليم النصيب الأكبر، لأن المطلوب في المرحلة القادمة أن يكون هناك تطوير في العملية التعليمية يشمل المقررات النظرية بحيث تعاد دراسة المناهج التعليمية، فالتعليم يتحمل دائما العبء الأكبر من أي نقد للمجتمع، كما أنه يتم تحميله المسؤولية تجاه إحداث أي إنجازات مستهدفة، خصوصا في الثقافة والوعي، ولأن التعليم ملف ضخم وقضية ثقافية واجتماعية ودينية فإنه مجال واسع للتطوير المستمر لأن احتياجات الإنسان متغيرة وتطور الحياة الاجتماعية يسير بسرعة ويحتاج إلى مواكبة، ولهذا نشهد في كل فترة دعوة أو مشروعا لتطوير التعليم، خاصة التعليم العام، ومن الطبيعي والمألوف أن كل تطوير في التعليم يخلق بدوره تغيرات ثقافية واجتماعية جديدة تستدعي إعادة النظر في مناهج وطرق التعليم.
لقد استوعب العالم حديثا أن ثقافة الحوار من الوسائل المناسبة لوصول كل طرف إلى تحقيق أهدافه أو التوصل إلى حلول وتسويات مقبولة لكل طرف، وهذا يقتضي أن تكون ثقافة الحوار من مكونات كل مادة، بل طريقا ومنهجا يمارسه المعلم في جميع مراحل التعليم، فمن خلال الحوار تتكون شخصية الطالب والطالبة، وهذا يقتضي أن ننتقل من التلقين والتحفيظ إلى تعويد الطلبة على المناقشة وإعمال الذهن في كل معلومة، وهذا من المفاهيم التي يجب أن تنشأ في التعليم ويتم تلقينها للنشء على أساس أنها هي الحل الأمثل للتفاعل الإيجابي بين المعلم والطالب، لكنها أيضا تحتاج إلى جهد كبير ووضوح في الهدف حتى يتم إدراجها في المناهج التعليمية وعند مستويات معينة بشكل يجعل الطالب يعتز بشخصيته ودينه وثقافته أولا ثم بقدراته التي اكتسبها.
إن تطوير التعليم قضية حتمية وعملية مستمرة وحميدة يقتضيها تطور المجتمع وأدواته، وأكدت وزارة التربية والتعليم في أكثر من مناسبة أن المناهج ستحتوي على 30 في المائة من الثقافة الإسلامية والمحلية والباقي ثقافات متنوعة عالمية يراعى فيها ألا تتعارض أو تخالف التعاليم الإسلامية والعادات والتقاليد، وفي الواقع أنه لا يمكن للتخطيط الاستراتيجي أن يعيش خارج بنية قوية سليمة من تدفق المعلومات الصحيحة والموثقة، فإذا غاب المنهج الواضح والطريق الممهد للمفاهيم والأهداف فلن تكون هناك نتائج يرضى عنها المجتمع الذي هو شريك في العملية التعليمية في مدخلاتها ومخرجاتها وفي تحمل سلبياتها وجني ثمار إنجازاتها.
إن الجميع يرجون أن تكون موازنة الخير قد جاءت متوافقة مع تولي الأمير خالد الفيصل وزارة التربية والتعليم، ونسأل الله له العون والتوفيق في اختيار معاونين أكفاء قادرين على تحمل المسؤولية أمام الله ثم أمام ولاة الأمر، فالتعليم أهم الملفات وأكثرها جدلية في أوساط المجتمع ومتى ألقى كل بدلوه في هذا الميدان الفسيح فلن يكون بالإمكان تلبية جميع الرغبات سوى بالتوسع في التعليم الخاص وبناء منظومة متكاملة رديفه للتعليم العام في المملكة.