نظام المنافسة .. خطوة للقضاء على الممارسات الاحتكارية في السوق

في ظل الانفتاح الاقتصادي والاستثماري والتجاري الذي تعيشه السعودية، كان لزاماً تعزيز مبدأ المنافسة في الوسط التجاري، بهدف تأكيد وجود مناخ منافس عادل وكفؤ في قطاع الأعمال. وبهدف تحقيق المنافسة العادلة في أسواق المملكة المختلفة، صدر المرسوم الملكي رقم (م/٢٥) وتاريخ الرابع من جمادى الأولى 1425هـ بالمصادقة على نظام للمنافسة.
ومن بين أبرز أهداف نظام المنافسة، توفير الحماية اللازمة للمنافسة العادلة وتشجيعها، ومكافحة الممارسات الاحتكاريّة التي تؤثّر في المنافسّة المشروعة.
من هذا المنطلق حرصت المادة الثالثة من نظام المنافسة على تطبيق أحكام على جميع المُنشآت العاملة في الأسواق السعوديّة ما عدا المؤسّسات العامّة والشركات المملوكّة بالكامل للدولة. كما حظرت المادة الرابعة من النظام الممارسات أو الاتّفاقيات أو العُقود بين المُنشآت المتنافسّة أو تلك التي من المُحتمل أن تكون متنافسّة، سواءً أكانت العقود مكتوبة أو شفهيّة، وصريحة كانت أم ضمنيّة، إذا كان الهدف من هذه الممارسات أو الاتّفاقيات أو العقود أو الأثر المترتّب عليها تقييد التجارة أو الإخلال بالمنافسّة بين المُنشآت. كذلك حظر النظام على المنشأة أو المُنشآت التي تتمتّع بوضع مُهيمن، أي ممارسة تحدّ من المنافسّة بين المُنشآت، وفقاً للشُروط والضوابط التي بينتها اللائحة التنظيمية، خاصة فيما يتعلق بالتحكّم في أسعار السلع والخدمات المُعدّة للبيع بالزيادة أو الخفض، أو التثبيت، أو بأي صورةٍ أُخرى تضر المنافسة المشروعة.
ومن بين أهداف نظام المنافسة أيضاً، الحد من حريّة تدفق السلع والخدمات إلى الأسواق أو إخراجها منها بصفة كليّةٍ أو جزئيّةٍ، وذلك من خلال إخفائها، أو تخزينها دون وجه حق، أو الامتناع عن التعامل فيها، وكذلك القضاء على افتعال وفرة مُفاجئة في السلع والخدمات، حيث يؤدي تداولها إلى سعر غير حقيقي، يؤثر في باقي المتعاملين في السوق.
وحظرت المادة الخامسة من النظام على المنشآت التي تتمتع بوضع مُهيمن أي ممارسة تحدّ من المنافسّة، وفقاً لما حددته اللائحة، والتي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، بيع السلعة أو الخدمة بسعر أقل من التكلفة، بهدف إخراج مُنافسين من السوق، أو فرض قيود على توريد السلعة أو الخدمة بهدف إيجاد نقصٍ مصطنعٍ في توافر المُنتَج لزيادة الأسعار، أو فرض اشتراطات خاصّة على عمليّات البيع أو الشراء، أو على التعامل مع مُنشأة أخرى على نحو يضعها في مركز تنافُسّي ضعيف بالنسبة إلى المُنشآت المتنافسّة. أو رفض تعامل مُنشأة مع أخرى دون مُسوّغ، وذلك من أجل الحدّ من دخولها السوق.
كما حددت اللائحة التنفيذية للنظام الشروط العادلة للمنشآت الراغبة في الدخول في عمليات اندماجات أو التي ترغب في تملُّك أصول أو حقوق ملكية أو حقوق انتفاع أو أسهم، تجعلها في وضع مُهيمن.
إن وجود نظام لتعزيز المنافسة العادلة في أسواق المملكة، وفقاً لتصريح وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد الجاسر نشر في صحيفة ''اليوم'' في العدد الصادر بتاريخ 24 تموز (يوليو) من العام الجاري، يأتي ضمن الخطوات والإجراءات المتواصلة والجهود التي تبذلها الحكومة لخدمة المواطن وتحقيق أكبر قدر من الرفاهية له عن طريق تعزيز المنافسة ومنع الاحتكار وتطوير آليات السوق التي ستؤدي في نهاية الأمر إلى محافظة الأسواق على أسعار منافسة للسلع والخدمات.
كما أن إيجاد نظام مثل نظام المنافسة في المملكة سيصب في نهاية الأمر في مصلحة المستهلك باعتباره يعمل على توفير الحماية اللازمة للمستهلك، ولا سيما أن هذا النظام يأتي مكملاً ومسانداً وداعماً لأنظمة مماثلة تبنت تطبيقها الوزارة في وقت سابق، بهدف توفير الحماية للمستهلك من الخداع والاحتيال، مثل تبني تطبيق قانون يمنع التستر التجاري ونظام آخر يكافح الغش التجاري.
إن نجاح مثل نظام المنافسة والأنظمة الأخرى المساندة كنظام مكافحة التستر التجاري ونظام الغش التجاري وغيرها من الأنظمة، سيظل أمراً مرهوناً بتعزيز الوعي المجتمعي بتلك الأنظمة والأهداف المنشود تحقيقها من إقرار مثل تلك الأنظمة، حيث إن معرفة المستهلك السعودي وإلمامه بتلك الأنظمة وأهدافها، سيعزز من الاستفادة من مساعيها ومن مقاصدها النبيلة والسامية، وسيجعل المستهلك على دراية تامة بحقوقه والتزاماته وواجباته تجاه التجار العاملين في السوق، مما سيمكنه من التعرف على نقاط القصور والإخفاق والإبلاغ عن التجاوزات.
خلاصة القول، إن نظام المنافسة الذي تبنت تطبيقه وزارة التجارة والصناعة، يعد من بين الأنظمة الرائدة ليس فقط على المستوى المحلي فحسب، بل وحتى على المستوى العالمي، لما يوفره من حماية للمستهلك السعودي ولقطاع المال والأعمال من تكافؤ في الفرص والعمل تحت سقف سوق مفتوحة تحقق العدالة المنشودة في التعاملات التجارية. إن تكثيف وزيادة الوعي المجتمعي بأهمية المنافسة والحرص على نشر ثقافة المنافسة، سيعزز من تحقيق الأهداف المنشودة من النظام، إذ إن ذلك سيسهم بفعالية في توضيح حقوق والتزامات المنشآت المتعاملة في السوق تجاه بعضها بعضا وتجاهها وتجاه المستهلك، الأمر الذي يتطلب تعزيز مستوى الوعي بذلك النظام والأنظمة المماثلة التي تختص بحماية حقوق المستهلكين في السوق المحلية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي