المعركة مع الاكتئاب
يؤثر مرض الاكتئاب تأثيراً سلبياً في عطاء الإنسان وتفاعله في المجتمع، ويؤدي تدريجياً إلى تقصيره في عمله وعزوفه عن ممارسة أنشطته ومهامه اليومية التي اعتادها، ويصف المختصون مثل هذه الأعراض بالاكتئاب العضوي لا النفسي، وهو يختلف في ظاهره ومضمونه كلية عن نوبات التقلب المزاجي الناتجة من تجربة مؤلمة أو موقف عصيب عارض.
أعلن مركز علاج الاكتئاب العالمي في بحث له نشر أخيرا على موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي. بي. سي"، أن الاكتئاب يعد أحد الأمراض العضوية الذي ينتج عنه شعور بالحزن العميق وفقدان كامل للرغبة في الحياة إلى جانب الشعور باليأس والخمول. وأفاد البحث بأن مرض الاكتئاب عندما يصيب .. يستمر لمدة لا تقل عن أسبوعين يحتاج خلالهما المريض إلى العلاج إذا رغب في الشفاء التام.
وأوضح المركز في تقديره أنه على الرغم من أن الاكتئاب ينعكس سلباً على المخ إلا أن ذلك لا يعني أنه مرتبط بالحالة العقلية للإنسان، فأساس عملية الاكتئاب هو تعرّض المخ لتغيرات كيميائية حيوية وليس العكس، يشير إلى أن الوصف العلمي الدقيق لمريض الاكتئاب يعني أنه لا يعاني أي ضعف في الشخصية أو اضطراب نفسي قد تنجم عنه مضاعفات مرضية، لأنه لا يعني أن الإنسان الذي يعاني حالة اكتئاب أن يكون غير متوافق مع المجتمع أو يكون شخصاً غير سوي.
ويضيف البحث أنه إذا كان مرض الاكتئاب لا يختلف عن الأمراض العضوية الأخرى مثل السكري والضغط وقرحة المعدة وهي الأمراض الناتجة من خلل في وظائف الجسم البيولوجية، فإن البحث عن سبل مناسبة للعلاج يعد أمراً ضرورياً قبل أن تتدهور صحة المريض.
ويصف الدكتور "إدوارد كين" إخصائي العلاج النفسي مريض الاكتئاب بأنه إنسان طبيعي بعيد كل البُعد عن الأمراض النفسية الشائعة .. فهو أقرب إلى مريض السكري والضغط والقلب، وجميعهم بحاجة إلى علاج طبي بالدرجة الأولى، أما مريض الاكتئاب فيختلف عنهم في احتياجه إلى طبيب مختص يستمع إلى شكواه قبل أن تستفحل حالته ويستعصي علاجها.
واتضح من خلال آخر إحصائية قدمها مركز علاج الاكتئاب العالمي أن نحو 90 في المائة من مرضى الاكتئاب يستجيبون للعلاج بدرجة كبيرة، كما أن علاجهم أحياناً لا يقتضي سوى بعض الجلسات النفسية الطبية التي تعرف بالسيكوثيرابي، إلا أنه لا بد من مراعاة أهمية خضوع مريض الاكتئاب بشكل عام لسلسلة من الفحوص الطبية والتحليلات المعملية التي تتبعها العقاقير الطبية المناسبة للحالة بحيث يتَّبع المريض برنامجاً علاجياً كاملاً تحت إشراف الطبيب المختص.