العناية بالعملاء أم معاناتهم؟
عندما ظهر التسويق في بداياته في مؤسساتنا الخاصة لم يكن رضا العميل واحتواؤه هو محور الاهتمام الأول للمؤسسة، حيث كان التركيز منصبا على البيع وإدارة علاقات العملاء لأول مرة ومن ثم الإيداع دون خدمات ما بعد البيع أو حتى قياس لرضا العميل للسلعة أو الخدمة المقدمة. ومع احتدام المنافسة بين المؤسسات ورغبتها في الحصول على أكبر حصة من كعكة السوق بدأت المؤسسات التي تعمل في مجال الخدمات بالأخص في تأسيس مراكز اتصال ودعم للعملاء دون مراعاة تأهيل كوادرها وتدريبهم على مهارات التعامل مع العملاء واحتوائهم أو ما يسمى العناية بهم.
ومع ارتفاع سقف التوقعات لدى العملاء والتطور في ثقافتهم التسويقية ظهر لدينا ما يسمى برامج خدمة العملاء التي لم تتميز في احتواء العميل المتذمر أو الصامت لعدم فهمها وتجاوبها مع احتياجاتهم ورغباتهم بشكل مباشر. وفي حقيقة الأمر لم تنجح خدمات العملاء بالشكل المأمول في مؤسساتنا، فالعملاء الصامتون يذهبون ولا يعودون دون تشك أو تذمر. وعلى الرغم من توجه مؤسسات القطاع العام ـــ غير الربحية ـــ لتأسيس إدارة للعناية بالمواطنين لخدمتهم وتيسير حاجاتهم بكل مهنية واحترافية من خلال مراكز الاتصال وبرامج التعاملات الإلكترونية الحكومية التي قلبت المعادلة حتى لا تكاد أن ترى رضا مطلقا عن خدمات العملاء لمؤسساتنا الخاصة بشكل عام.
ولعلنا نتحدث عن المؤسسات الربحية الخدمية التي لم تعط العميل أي اهتمام ناهيك عن أن العميل هو سبب وجودها في السوق بالأصل. ومع تعدد الخيارات لدى العميل وتنوعها بالمميزات أصبحنا نسمع عميلا يتذمر من الجودة في الخدمة وآخر لم تتم الاستجابة لملاحظته وتلبية احتياجاته بالشكل المتوقع التي تأخذ أياما أو أسابيع إن تمت الاستجابة لها بالأصل ما جعلنا نسمع بين تارة وأخرى عميلا يتذمر علناً وآخر يشد رحاله بصمت بحثا عن مؤسسة أخرى تخدمه في المقابل الذي يدفعه نقدياً. وفي المقابل الخدمة المميزة من واجبات الشركة وليست تفضلا منها التي تعتبر من المسلمات غير القابلة للتفاوض.
ومع الثورة المعلوماتية في الفضاء الرقمي أصبح العميل أكثر حدة وانتقاداً يشارك التجربة مع غيره عبر شبكات التواصل الاجتماعي المتعددة وهذا ما لا يلقي له بالا كبار التنفيذيين ''كلام الأفواه'' فطالما الأرباح والأداء المالي يسيران بالشكل المرسوم محققين الأهداف التي تم وضعها والأرقام تتصاعد فكل شيء على ما يرام.
وفي خلاصة القول، ما أود أن أصل إليه هو أن خدمة العملاء ليست أجهزة وأدوات تقنية ووعودا براقة لا تستطيع الوفاء بها وإنما هي مصداقية في التعامل والتجاوب مع العميل بسرعة ويسر، وهذا مسؤولية ما يسمى ''العناية بالعملاء''.