بشار الكيماوي
أهم مزايا الرجال هي المروءة والفروسية. يحمل التاريخ العربي لنا من قصص الرجال ما يجعلنا نحار في وصف من يدَّعون الرجولة اليوم. العربي كان يرمي سيفه إذا فقد خصمه سيفه لئلا يقال إنه هزم أعزل. أما مُدَّعو الرجولة اليوم فقد أوغلوا في الدماء والنذالة والخسة لدرجة أن وصفهم بالرجولة يمتهنها، بل إن الحيوان لا يمكن أن يفعل ما يفعلون.
ذلك الذي استأسد على النساء والأطفال والشيوخ. الذي هدم المساجد والكنائس والمعابد والمدارس، بل استهدف المدارس أثناء أداء الطلبة الامتحانات. الذي أحس بالهزيمة فلجأ إلى براميل الموت التي يرميها من السماء لتدمر الناس والأرض والزرع. استخدم الطائرات القاذفة والعمودية لإلقاء القنابل. استخدم المدفعية والدبابات ضد من يحملون البنادق والحجارة واللافتات التي ترفضه.
أعتقد أن أي شخص لديه ذرة من الكرامة سيخرج إن قال له الناس اخرج. رفضه الشعب ورفضته الأرض ورفضته كل دول العالم إلا من يبتغون من ورائه الوصول لما سواه. العقول السليمة ترفض هذا الشخص بالذات، ترفض هذا الحزب الموغل في القتل والتنكيل. ترفض أسلوب القتل الممنهج وغير الممنهج، ترفض بقر بطون الحوامل وتكسير الرؤوس بالحجارة والاعتداء على الكرامة والعفة والأعراض التي صانتها كل الأديان والقيم والأخلاق.
استعان الفاسق بأمثاله، تجار الحروب وناشري الفوضى في العراق من قبل ومن بعد. ثم عاد ليستنصر بمجرم آخر دمر دولته ولم يسلم من أذاه أحد من اللبنانيين ليضعه وحزبه الفاسد رأس حربة تدمر وتقتل وتبيح كل ما هو محرم في مشهد من مشاهد الخبث والخيانة التي لا مثيل لها في القديم ولا في الحديث.
اعتمد هذا المجرم الخائن لأمانته ووطنه على قتل الوطن بأعداء الوطن. فرق الكلمة ونزع عن نفسه الشرعية التي لم يكن أهلاً لها، ولم ترغب فيه، بل لفظته ورفضته وكرهت ما هو عليه. واعتمد كذلك على نظام دولي عميل حاول أن يدعم كل القتل والتدمير والإجرام الذي يمثله. يجوب الدبلوماسيون العالم في عمليات مقايضة ومراهنة على مستقبل سورية. تستمر التصريحات الصحافية الجوفاء التي تبثها دول ثبت أنها ترغب في تركيع الدولة من خلال تدمير كل مقوماتها، ومن هو الأقدر على تدمير البلاد، بل تفتيتها وتسليمها للعميلة الكبرى إيران سوى هذا الخسيس الذي لا وطنية ولا دين ولا خلق له.
عندما حاول أصحاب الأخلاق والقيم العالية أن يسهموا في تحرير الشعب المظلوم من هذا الحزب الخبيث ورأسه الفاجر، لم يجدوا سوى الرفض والتقنين وتحديد ما يمكن وما لا يمكن ونوع السلاح وعدد الطلقات ومواقع الدخول والخروج حتى بدا وكأن هؤلاء يريدون لهذه الدولة الفشل وهو ما حققوه في مرحلة من المراحل. لكن إلى متى؟
لم يصبر المسلمون على رؤية إخوانهم وأخواتهم وهم يقتلون ويذبحون وتستباح دماؤهم وأعراضهم - وهذا من سلامة الفطرة. لكنه كان الطعم الذي وضعته لهم أجهزة الحزب الفاشي الذي توغل في أساليب التفرقة والتدليس والنفاق. عملت مخابرات الحزب على نشر الفتنة والاقتتال بين أولئك الذين جاؤوا لنصرة إخوانهم فأوجدوا بينهم العداوة ودفعوا بهم إلى التقاتل ليحققوا غرض أعداء الأمة من الغرب والشرق.
كل هذا تم بمرأى ومسمع من العالم، لم يعترض أحد. بل تسارعت القنوات وتسابقت الحناجر والتصريحات أن هؤلاء قوم يتقاتلون فيما بينهم، وسيتوجهون إلى إسرائيل، ثم أمريكا وأوروبا بعد أن يتخلصوا من الطاغية، فتغيرت السياسات إلى محاولة إطالة أمد الأزمة مهما كلف ذلك من الأرواح والأعراض، وكان الفاسق المجرم أسعد من سمع بذلك.
كان استخدام السلاح الكيماوي وسيلة للقمع في هذا الحزب منذ زمن حافظ وصدام. لكنهم كانوا يخشون ردة فعل الغرب وما يمكن أن يؤول إليه مستقبلهم إن هم كُشفوا. أما مجرم العصر، فقد قرر أن يؤدي صلاة العيد في الخامس عشر من شهر رمضان في مشهد سيريالي، يبث على قنواته يوم العيد. ثم اتخذ ملجأ في مغارة اختفى فيها بعد أن أصدر أمره بتجاوز خط "أوباما" الأحمر، وهو خط وضعه جبان لجبان. فاستخدم الكيماوي في أكثر من مكان كان آخرها الغوطة ليستشهد أكثر من 1300 من أبناء سورية في عملية واحدة.
هنا يحار العقل أين يضع من يخون شعبه، ويقتله بكل أنواع الأسلحة حتى المحرمة دولياً؟ كيف يتوقع أن يقبله الله أو يقبله الشعب الذي ذاق على يده ما لم يذقه شعب على يد أي غاز أو مستعمر أو عدو؟! فلا نامت عينك يا من حرمك الله الرجولة والإنسانية.