استراتيجية.. للتقبيل

تدفع المؤسسات الحكومية مبالغ طائلة على إعداد خططها الاستراتيجية الخمسية من ميزانيتها الوافرة لتحديد التوجه الاستراتيجي خلال السنوات الخمس المقبلة، ولذا سميت خطة خمسية، التي من المفترض أن تجيب عن مسيرة المؤسسة المستقبلية بكتابة رؤيتها ورسالتها وأهدافها التي تحكمها مؤشرات أداء لتنفيذها. وفي المقابل ثمة من متخذي القرار في المؤسسات الحكومية، وأخص بالذكر الجدد منهم الذين ينسفون جهود من سبقوهم ابتداء بالخطة الاستراتيجية وكأنها عمل فردي وليست جهودا مشتركة وعملا مؤسسيا جماعيا، لتصبح الخطة الاستراتجية على رفوف الأرشيف ثم في سلة المهملات.
ومن المؤسف، أن تشاهد منهجية الإدارة تتغير بتغيير الأشخاص، مما يعطل العمل وقد يتوقف، خصوصا المشاريع تحت التنفيذ التي انبثقت من مبادرات الخطة الاستراتجية بسبب أنها من قرارات فريق الإدارة السابق. ومع كثرة اللاعبين والدخلاء في مجال استشارات التخطيط الاستراتيجي ممن يدعون الريادة في هذا الحقل، منهم من يرسم الخطط الاستراتجية بناء على مزاجية متخذ القرار بمتغيرات مغلوطة وخاطئة، مما ينتج عنه قرارات متخبطة من جانب، وصعوبة في تنفيذها مستقبلاُ من جانب آخر. وقد يجهل متخذ القرار أبجديات الخطة الاستراتيجية ومعناها الصحيح ككلمة يونانية الأصل وتستخدم عسكريا، ثم حولها علماء الإدارة لتستفيد منها مؤسسات المجتمع المدني التي تهدف لتحقيق ميزة تنافسية بالأسلوب الأنسب والأسرع، بعكس ما هي مستخدمة له في بعض مؤسساتنا كلافتة تكتب عليها مفردات رنانة نسمعها لفظا بين تارة وأخرى.
وفي واقع الحال، التخطيط الاستراتجي هو عملية متجددة يتم تحديثها ومراجعتها كل عام بالنظر إلى المستجدات الداخلية والخارجية التي يتم من خلالها تقييم المبادرات ومدى نجاحها من عدمه، حيث إن جميع المؤسسات بلا استثناء في حاجة إلى استراتيجية بغض النظر عما إذا كانت ربحية أو غير ربحية. وبما أن الخطط الاستراتيجية حديثه عهد في المؤسسات المدنية خصوصا الناشئة منها كالهيئات المستحدثة والمؤسسات والصناديق الحكومية التي قد تكون في حاجة إلى أن ترسم استراتيجيتها على أسس علمية وأهداف بعيدة المدى لا تتغير بتغير الأشخاص.
ما أريد قوله أن القيمة الحقيقية للخطة الاستراتيجية تكمن في التنفيذ الناجح لها، وتحتاج إلى مواكبة الواقع الفعلي للمؤسسة، ومن خلالها يتم تحقيق الرؤية "ماذا نريد أن نكون" التي بمثابة حلم لا يمكن تحقيقه إلا بجهود مشتركة من أفراد المؤسسة أجمع، من خلال إشراكهم في رسمها وصياغتها مشتملة على مستويات الإدارة الثلاثة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي