عمالة .. وسمعة وطن
انتشرت في الولايات المتحدة في أواخر القرن الماضي قضايا المطالبة بالتعويض لأسباب التعنيف والتفرقة والعنصرية. أصبح المحامون يتفننون في البحث عن أي سلوكيات أو ألفاظ أو لوحات أو حتى أشكال مبان تدل على التفرقة.
اضطرت كل الشركات في أمريكا إلى أن تضع على كل مطبوعاتها ما يفيد أنها لا تفرق بين الناس لأسباب الدين أو الجنس أو المنشأ أو الأصل. في تلك الفترة التي وجد فيها مواطنون تخدمهم وتم استغلال سوء التعامل معهم إلى التورط في موقف محرج، استغله المحامون ليورطوها في الحصول على مبالغ كبيرة فحول المحامون كل لفظ معتاد لدينا إلى ''استخدام للألفاظ العنصرية''، وفسروا كل حركة أو نبرة صوت إلى ''اضطهاد عنصري''، وأكثر من ذلك لما يسيء لصورة المواطن السعودي في عين الأمريكيين، الذين يؤثر فيها الإعلام بشكل عجيب، كونه الوسيلة الوحيدة للحصول على الكثير من المعلومات التي تخص الدول الأخرى.
ليس مهماً أن تنفق الأسرة على خادماتها بسخاء، وليس مهماً أن تسكن العاملة في الدرجة الفندقية نفسها التي تسكنها عائلة الكفيل، وليس مهماً كيف نرى نحن العالم، ذلك أن الحرية الشخصية والقدرة على التعبير عن الذات أهم من ذلك كله، وهو أمر تحرم منه العاملات لدينا، ولكن هل يجوز أن نعمم رؤيتنا للأمور على كل دول العالم. ونتوقع أن يتفهموا أننا لا نعمل ذلك لأهداف عنصرية. هل يحق لأي واحد منا أن يسيء لسمعة المواطنين، بسبب رغبته في الراحة عند السفر أو إظهار بعض ''البرستيج'' أمام بقية المواطنين الموجودين خارج البلاد؟
السفر إلى الخارج حق لا يمكن أن نحرم منه أحدا ما دام يلتزم بمجموعة من الضوابط والأخلاقيات والسلوكيات، التي تحفظ حقوق بقية المواطنين في الحاضر والمستقبل.
يذكر الجميع أن المواطن السعودي كانت له مزايا خاصة ومعاملة تفضيلية في أغلبية دول العالم. هذا الأمر لم يعد هناك أمل في الحصول عليه ''في المدى المنظور''. ساهمت مجموعة محدودة من المواطنين في حرمان البقية من تلك المزايا. السلوك المخالف للأنظمة حرم الكثير من الطلبة الذين درسوا في الولايات المتحدة من تأشيرة دبلوماسية كانوا يحصلون عليها بمجرد تقديم ما يثبت نيتهم الدراسة هناك.
السلوكيات الأخطر مثل الإرهاب والتفجير والتبرع لجهات مشبوهة والمشاركة في أعمال تضر بالمصالح الأجنبية، سواء في المملكة أو خارجها ساهمت في تحويل الحصول على تأشيرة خلال نصف ساعة، إلى شروط تعجيزية، وفترات انتظار بالشهور للحصول على تأشيرة السياحة التي تشجعها كل دول العالم.
هذا يعني أنه ليس من حق أي شخص أن يعمل ما يمكن أن يضع بقية شركائه في الوطن في خانة المشبوهين بسبب تصرفاته الشخصية أو رغبته في إبراز ثرائه أو جهله بالقوانين السائدة في الدولة التي يزورها، وعلى أن الكثيرين قد يرتكبون الأخطاء بعفوية تامة ناتجة عن عدم تفهمهم الفروق الثقافية والاجتماعية بيننا وبين تلك الدول.
أظن الحل يكمن في إصدار تنظيم من وزارة الخارجية بمنع اصطحاب الخادمات مع الأسر أثناء السفر للخارج ، ولو كان ذلك لأسباب صحية. ففي كل دول العالم يمكن أن يستأجر الشخص ما يشاء من العمالة التي تنطبق عليها التعليمات والقوانين. يضاف إلى هذا أن يتعلم المواطن كيف يتعامل مع من يستخدمهم من مواطني الدول التي يسافر إليها والقوانين التي تحكم العلاقة معهم حتى يحمي نفسه من المساءلة القانونية ودولته من الإحراج والمصاريف القانونية ومواطنيه من التفرقة والإساءة في المستقبل.