أموال الأندية .. والمدرب الوطني
في خضم هذه النداءات التي تتداولها وسائل الإعلام ويروج لها منسوبو الأندية بخصوص قلة المادة وتردي الأوضاع المالية التي تتسبب في عدم الوفاء برواتب ومقدمات اللاعبين رغم أن هذه الأندية كانت تحظى بعقود رعاية تفوق الثلاثين مليون ريال مع ذلك تشتكي من قلة الموارد المادية، ولكن مع نهاية الموسم الماضي طالعتنا وسائل الإعلام بخبر مزعج حول نية شركة الاتصالات فض الشركة مع الأهلي والشباب والنصر والاتحاد مما جعل هذه الأندية تبحث بشكل سريع عن مداخيل أخرى تساعدها على تعاقدات الموسم الجديد مثل بيع الفترة المتبقية من عقود النجوم.
رغم أن هذا الموسم سيكون صعبا للغاية على أندية القمه والتي اعتادت تدفق أموال الاتصالات إلا أنها لم تستجب لفض الشراكة وتخفض أسعار اللاعبين فقد استمرت في إبرام أغلى الصفقات المحلية وكأن الأندية لم تستشعر خطورة الديون المتراكمة على المدى البعيد، أما أن هناك تطمينات تلوح في الأفق بخصوص عقود رعاية جديدة ستكون أفضل من العقود السابقة.
يشعر المتابع لصفقات الموسم أن رياضتنا لا تحتاج إلى أي دعم حكومي ولا إقامة شركة استراتيجية مع أي من شركات القطاع الخاص في ظل سماعه بالأرقام الفلكية التي استثمرتها الأندية في شراء عقد لاعب واحد فقط!، والتي تناولتها وسائل الإعلام المختلفة على أنها الأغلى قيمة مما سبقها، فيعتقد هذا المتابع أن هناك هدرا في الأموال وسوء صرف ليس في محله، وربما أن هذه البهرجة الإعلامية أصبحت إحدى السلبيات التي أحدثت فجوة بين الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة المالية.
صحيح أن هذه العقود التي أبرمت تراوح مدتها بين ثلاث إلى خمس سنوات ولايدفع منها سوى 30 في المائة عند التوقيع من القيمة الإجمالية للعقد أما البقية فيتم توزيعها على مدة العقد المتبقية. ويتساءل عدد كبير من الغيورين على الأندية من سيتحمل دفع 70 في المائة من هذه العقود المبرمة في حالة عدم استمرار الإدارة سواء بتقديم الاستقالة كالمعتاد في نهاية كل موسم أو بانتهاء الفترة القانونية المحددة بأربع سنوات.
المشكلة أن كل إدارة نادي ينصب مجمل عملها وتركيزها على الفريق الأول وسط إهمال واضح لجميع القطاعات الأخرى في النادي وهذا مؤشر خطير سيؤدي إلى ضياع الرياضة السعودية بما فيها كرة القدم، ولعل أبرز الأسباب التي دفعت بالشرفيين ومجالس الإدارات إلى وضع كامل ثقلهم بالفريق الأول كونه الواجهة الإعلامية للنادي وهذا مما يدفعهم إلى بذل الجهد والمال على حساب نشاطات النادي الأخرى.
كنا نطمع ونتطلع إلى أن يكون تعديل اللوائح التي تمت هذه الأيام ينصب في مصلحة اللعبة ولكن مع الأسف أن ما لاحظناه هو امتداد لحقبة سابقة طغت عليها الصبغة القانونية والعقوبات أكثر من مطابقتها ومعالجتها للواقع المرير الذي تعيشه الكرة السعودية في السنوات الأخيرة، كما أنك لا تشعر بأن هناك تغيرا سيتحقق خلال الأيام القادمة أكثر من هيجان إعلامي يطبل لمصلحة بعض الشخصيات ممزوج بالميول.
من يستطيع أن يعمل استراتيجية في منظومة القطاعات السنية لمنتخبات كرة القدم السعودية ويجعلها كرة قدم ولادة للنجوم هو من استطاع إيصالها للعالمية بمنتخب شاب وحقق معه نتائج إيجابية في نهائيات كأس العالم، سيظل المدرب القدير خالد القروني ابن الوطن المخلص الذي تم تجاهله تماماً بسبب نجاحاته المتتالية من مرحلة إلى مرحلة آخرى على صعيد المنتخبات السنية بالذات.
من الصعب أن نجرد أنفسنا من حب الذات ونمنح كل ذي حق حقه وننصف الآخرين ونضعهم في الأماكن التي يستحقونها فالأنانية وحب الذات والاختلاف في الميول أحد أسباب ابتعاد الكوادر الوطنية الناجحة عن الواجهة، والاستعانة بأشخاص جاءوا بالمحسوبية ليس لديهم أي نجاحات تذكر وتشفع لهم بالعمل على مستوى المنتخبات.