الإعلام الرياضي وتدني الثقة
تناثرت وسائل الإعلام في فضاء الوطن العربي وتميز الإعلام السعودي عن بقية وسائل الإعلام الأخرى بقوة المتابعة، وهذا دليل واضح على أن الإعلام السعودي له التأثير الأكبر في مجريات الأحداث التي تتعرض لها الأمة العربية والإسلامية، والإعلام الرياضي في المملكة العربية السعودية يعد أكثر المجالات الإعلامية جرأة وتحررا، فهناك خطوط حمراء يصعب تجاوزها في عدد من المجالات سواء السياسية أو الاقتصادية أو أي مجال آخر، بينما في الإعلام الرياضي فقد تخطى سقف الحرية التي منحت لجميع وسائل الإعلام، وبتنا نسير في فضاء المحظورات كيفما نشاء دون حسيب أو رقيب بحجة حرية الإعلام وعدم تكميم الأفواه.
ما حرية الإعلام من وجهة نظر الإعلاميين؟ هل هي تخطٍّ لحواجز المحظور والتعدي على أعراض الناس سواء بالقذف أو الشتم أو رمي التهم الزائفة جزافاً، وربما تخدم طرفا على حساب طرف آخر متضرر، هل أصبح الإعلام مادة تسويقية للبحث عن أكبر عدد من المتابعين بغض النظر عن حجم المتضررين والمظلومين..! إلى متى ونحن نتابع الإثارة المصطنعة الرخيصة التي تسوق لنا بطريقة سلبية، أما آن لنا أن نرتقي ونفرق بين الغث والسمين، ونحدد إلى أي مسار نحن متوجهون؟
كل تلك التساؤلات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار حتى تتضح لنا الرؤية بكامل تفاصيلها، ونستطيع معرفة الأسباب الحقيقية وراء تدني مستوى الثقة بين المسؤول الرياضي الأول الأمير نواف بن فيصل ووسائل الإعلام التي تبحث عن الأخطاء وتطرحها بشكل جريء، مما يجعل الشارع الرياضي لا يرى في شخصية الرئيس العام لرعاية الشباب إلا الجانب السلبي، خاصة إذا تزامن ذلك مع إخفاق للمنتخبات الوطنية، وهذا أعتقد أنه إجحاف واضح بحق رجل ترعرع بين أروقة الفيفا واللجان الأولمبية الدولية.
عندما لا تتجاوز ميزانية رعاية الشباب مليارا و300 مليون ريال، وهذا الرقم ظل لسنوات عديدة ساكناً لا يتحرك ولا يزيد مع موجة ارتفاع الأسعار، فمن الطبيعي جداً ألا نرى أي إنجازات للرياضة السعودية تسعد أبناء الوطن، في المقابل نسمع عن ميزانية نشاطات التربية والتعليم تتجاوز الثماني مليارات، ونحن لا نشعر بوجود أي تطور في مادة التربية البدنية، ولا في النشاطات اللامنهجية، فكيف نطالب اللجنة الأولمبية بتقديم إنجازات للوطن مع الميزانية المخصصة لها.
نحن أمام معترك المصالح بين التربية والتعليم والمؤسسة الرياضية، فإما أن تدعم القطاعات الشبابية التي تمثل الوطن في المحافل الدولية، والتي لها متابعون كثر من أنحاء العالم، وإما تستمر حالة الإخفاقات المتتالية على شباب الوطن، من لا يؤمن بأن المادة هي عصب الحياة فهو لا يعيش واقع العصر الحالي، ومن لا يعترف بالرياضة وأهميتها لشباب الوطن فهو مخطئ كثيرا، الرياضة هي جزء من حياتنا في الوقت الحاضر، فالعقل السليم في الجسم السليم.
ما الذي أعاق تحويل الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى وزارة؟ هل فعلياً مجلس الشورى هو من عارض تحويل قطاع يعتني بشباب الوطن إلى وزارة؟ ألا يستحق قطاع الشباب والرياضة اهتماما أكبر من وضعه الحالي؟ متى ستوافق وزارة المالية على رفع ميزانية الرئاسة العامة لرعاية الشباب بشكل يفي باحتياجات جميع الاتحادات المشاركة خارجياً؟ إذاً لن نلقي باللوم كله على الأمير نواف بن فيصل وحده عند حصول أي إخفاق لرياضتنا السعودية، في حال استمرار الوضع المادي للرئاسة كما هو عليه.