أثر الرضا الوظيفي في وظيفة المؤسسات

أفاد تقرير في مجلة ''فوربس'' المعروفة منتصف العام الماضي أن 71 في المائة من الموظفين غير راضين عن عملهم، أو راضون إلى حد ما - حسب إحدى دراسات جمعية إدارة الموارد البشرية الأمريكية. يعد خبراء الإدارة والاقتصاد رضا الموظفين أمرا أساسيا لأي عمل، فالموظف السعيد يكون أكثر تفانيا وابتكارا في عمله، مما يسهم في زيادة إنتاجية وأرباح المؤسسات، وتخفيض تكاليف العمالة. كما يؤكد الخبراء أن رضا الموظفين أمر رئيس في تحديد النجاح التنظيمي لأي مؤسسة.
كان الحصول على وظيفة خلال العقد الماضي من الأمور الصعبة، مما جعل عديدا من الناس يتمسكون بوظائف قد لا يرغبون فيها - كما تصف جيسكا برايس جونز مؤلفة كتاب ''السعادة في العمل''. يؤدي هذا الأمر لشعور عديد من الناس في مختلف المجتمعات بأن العمل هو تأدية واجب للحصول على الرزق، وليس عليهم أن يشعروا بالرغبة والاندفاع والحماس أو حتى الرضا عما يمارسونه من مهام. مع ذلك، من الواضح أن من حق كل موظف أن يرضى عن وظيفته التي يعمل فيها ما يصل إلى ثلث يومه، وربما أكثر، حتى لا يؤثر هذا الأمر سلبا على ما تبقى من يومه.
تتعدد الأسباب التي تسهم في عدم الرضا في مكان العمل، قد يكون العمل شاقا أو لا يتناسب مع إمكانات وقدرات الموظف، وفي بعض الأحيان لا تتناسب الوظيفة مع مؤهلات الموظف، إضافة إلى سوء تعامل بعض المديرين والزملاء في العمل. كما تدفع حدة التنافس بين الموظفين في العمل للتوتر والشعور بعدم الراحة أو الوقوع في المشاكل أحيانا. ومن العوامل الأخرى المؤثرة في الرضا الوظيفي - حسب جمعية إدارة الموارد البشرية - عدم وجود مرونة في العمل وصعوبة التوازن بين العمل والحياة، إضافة إلى ثقافة بعض المؤسسات غير الناجحة في التعامل مع موظفيها.
توجد طريقتان لمواجهة هذه المشاكل، إما أن يستسلم الموظف للأمر الواقع، مما قد يؤدي إلى شعوره بالملل والتعب والفشل، وربما تظهر عليه بعض الأمراض مثل الاكتئاب والضغط، وإما أن يتأقلم مع وظيفته الجديدة ويبحث عن الإيجابيات ويرفع مستوى طموحه، ويضع أهدافا واضحة فيما يتعلق بمستقبله في عمله ويسعى للوصول إليها. لذا، ينصح الخبراء بتحديد المشكلة التي يواجهها الموظف في عمله، ومعرفة جميع زواياها وحجمها وأسبابها ثم البدء فعليا في التصرف لحل المشكلة. ويرى آخرون أهمية إنشاء قائمة لميزات ومساوئ العمل ومحاولة تعزيز الإيجابيات، والانخراط في المشاريع أو المبادرات أو اللجان التي يمكن أن تجعل مجمل التجربة في مكان العمل أكثر متعة.
ربما يظن كثير من غير الراضين عن وظائفهم أنه لا يوجد من يشاركهم هذه الصعوبات، أو أن مشاكلهم تختلف عن الجميع ويصعب حلها. يوجد عديد ممن يبحثون عن عمل ومن هم على استعداد تام لتحمل جميع الصعوبات وتقبل جميع ما يواجهونه، لرغبتهم في العمل وإيجابيتهم اللامحدودة أو حاجتهم.
تتوافر طرق عديدة للتعامل مع أغلب الصعوبات التي تؤثر في رضا الموظفين، وإن لم ير الموظف حلا مباشرا لها فليتبع قول مارك توين ''إن استمررت في إعادة أي تجربة، تحصل على النتيجة نفسها''، وبالتالي يمكن أن يسهم الموظف، قليل الرضا، في تجديد تجربته عن طريق العمل على تطوير المهارات واستمرار العمل بمهنية والابتعاد عن إفراغ الشعور السلبي على المحيطين في مجال العمل، ومثل هذا يسهم في الحصول على فرص عمل وترقيات أفضل.
آمل أن يدرك كثير من المؤسسات في المملكة أهمية رضا الموظفين ودورهم في تنمية بيئة العمل وتحضرها وجدواه الاجتماعية والاقتصادية، والعمل على قياس رضا الموظفين بصورة دورية، وبالتالي كسب ولاء الموظفين وانتمائهم المؤسسي وتنمية رضاهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي