الأمريكي المجنون
مجنون.. عبيط.. غبي.. مسرف.. سمّه ما شئت.. فاللغة العربية غنية بالمفردات.. إنه الملياردير الأمريكي وارين بافيت الذي أعلن يوم الإثنين الماضي تبرعه بملياري دولار لمصلحة العديد من المؤسسات الخيرية، وبهذا تصبح تبرعات وهبات هذا الأمريكي المجنون قد تجاوزت 17 مليار دولار منذ عام 2006، يكفي أنه تبرع في العام الماضي وفي هذا الوقت نفسه تقريبا بثلاثة مليارات دولار.. وكان هذا ''المجنون'' بالاتفاق مع المجنون الأغر الملياردير الأمريكي بيل جيتس وزوجته ميلندا قد أطلقوا مبادرة ''تعهد العطاء'' أو ''وعد العطاء'' وقرروا فيها عن طيب خاطر التبرع بنصف ثرواتهم للأعمال الخيرية وأطلقوا ضربة البداية هذه في عام 2010 بدعوة أغنياء أمريكا للتبرع بنصف ثرواتهم لعمل الخير وذلك خلال حياتهم أو بعد وفاتهم.
وسرعان ما اقتنع 40 بليونيرا بالدعوة .. وتفاصيل التبرعات وأصحابها في لائحة ''فوربس'' ذكرت أن هناك ألف ملياردير في العالم تقدر ثرواتهم بنحو تسعة بليونات دولار، ونحو عشرة ملايين مليونير حول العالم مجموع ثرواتهم نحو 39 تريليون دولار.
وقد أورد أبرز أسماء المتبرعين الـ 40 الأمريكان ومن بينهم يظهر اسم أوبرا وينفري النجمة التلفزيونية الشهيرة وجورج لوكاس مخرج أفلام حرب الكواكب.. ويقدرون أنه إذا تبرع مليونيرات أمريكا جميعا للأعمال الخيرية فستصل التبرعات إلى نحو 600 مليار دولار.. وتقدر الأمم المتحدة أن 30 مليار دولار سنويا تكفي للقضاء على الفقر في العالم كله.. أي أن تبرعات أثرياء أمريكا فقط تكفي للقضاء على الفقر في العالم 20 مرة. فماذا عن الحال عندنا في العالم العربي والإسلامي.. الواقع أنه ليست هناك إحصاءات من أي نوع عن عدد المليارديرات في العالم العربي ذلك أن أثرياء العالم العربي يحرصون على سرية حساباتهم وثرواتهم بينما الحال في أمريكا وأوروبا كل شيء معلن وكل الأرقام معروفة.
ولكن هل يعني هذا أنه ليس عندنا متبرعون لأعمال الخير.. الواقع أن هناك عددا كبيرا من المتبرعين لأعمال الخير ولكنهم يفضلون أن تكون هذه التبرعات في الخفاء لأن الإحسان يجب أن يكون قيد الكتمان، من وجهة نظرهم، مع أن الواقع اليوم يتطلب الإعلان عن الإحسان للتشجيع على السير في هذا الطريق.. لكي يتنافس الأثرياء في البذل والعطاء.. والمطلوب هو إنشاء مؤسسات خيرية تذهب إليها التبرعات علنا لا سرا.. ولعل رمضان المبارك فرصة للتفكير في هذا الاتجاه!