عفواً لبنان.. لم يعد في القلب مكان (3 من 3)
ناقشت في الحلقتين السابقتين تحديد أعداء المملكة والخليج في لبنان، وتمويلهم للشتامين الذين يتنقلون بين القنوات والصحف والإنترنت. أوردت هوياتهم وتاريخ تحولهم للعداء وأهدافهم من تمويل عمليات تخوين وإيذاء هذه الدول التي لم تقدم لهم سوى الخير. كيف يحول هؤلاء الحق إلى باطل ويصورون الخير شراً من وجهة نظر شخصية.
أكمل اليوم بمطالبة الشعب اللبناني بالوقوف في وجه هذه المؤامرة ضد لبنان أولاً وألا ينساقوا وراء الجهات التي تريد أن تنهي الدولة ودورها وقيمتها كما حصل في صيدا. وأطالب المملكة بالتصرف المناسب الذي أراه وسيلة لإعادة العقل للعلاقة بين المملكة ولبنان.
أركز على هؤلاء اللبنانيين الذين يضعون مصالحهم قبل مصالح لبنان. وهم معروفون ومكشوفون ويؤسفني أن الشعب اللبناني يستمر في اختيارهم لتمثيله وكأننا في دراما قبلية يفوز فيها شيخ القبيلة بالمشيخة في كل عملية انتخابية.
أيها الشعب اللبناني الحبيب، لقد قدمت السعودية ما يزيد على عشرة تريليونات من الريالات على مدى سنوات استقلال لبنان. قدمتها دون منة، وضد رغبة الكثيرين الذين كانوا يرون في لبنان دولة آيلة للسقوط بسبب عداء جارتها التي تريد التهامها وخيانة بعض السياسيين الذين يسلمونها قطعة قطعة لأعدائها سواء كانت إسرائيل أو إيران.
فهل شاهدت دبابة سعودية تجوب شوارع طرابلس. أم هل شاهدت ضابط مخابرات سعوديا يستجوب الناس. أم بناية للأمن السعودي تراقب الشوارع والميادين والمواطنين. هل سمعت بموقف سعودي ضد وحدة لبنان وقراره المستقل؟ هل شاهدت سعودياً يدخل بيوت الناس فيقتل ويعتدي ويسرق؟
أظن أن الجميع سيتفق معي أن السعودية لم تقدم سوى المشافي والمدارس والمساكن والطرق ومحطات الطاقة الكهربائية والجمعيات الخيرية الإنسانية والملاعب الرياضية والاستثمارات السياحية والعقارية، بل وكانت تشجع السياحة إلى لبنان ويصرف أبناؤها مليارات الدولارات ويشغلون الفنادق والمطاعم والمقاهي ويوفرون عشرات الآلاف من الوظائف للمواطن اللبناني.
عمل اللبنانيون في السعودية، وحظوا بالفرص أكثر من غيرهم. عادوا إلى لبنان ليعمروه كما فعل الرئيس الحريري وميقاتي والسنيورة وغيرهم كثيرون، وهم يعاملون اليوم في السعودية معاملة يحسدهم عليها كل "وليس أغلب" الأجانب. يسكنون القصور، ويعملون في مواقع لا يدخل بعضها غيرهم حتى من أبناء الوطن سوى بتصاريح وأذونات. فمالكم يا قوم؟
بعد هذا كله يأتي اليوم الذي يشارك فيه الجيش "الذي يمثل الدولة اللبنانية" في قتل أبناء السنة بتوجيه من حزب الشيطان وحلفائه، ويظهر هؤلاء ليدينوا أبناء صيدا لأنهم سنة فقط. يقيمون حاجزاً استفزازياً، وهم كانوا يرون حزب الشيطان يقيم حاجزاً مماثلاً فيراقبونه بوجل وخوف. يستمر الأمر وعندما ينسحب الحزب، يحل الجيش محله، فأي دولة هذه؟
هل كون الحزب مشغولاً بقتل أبناء السنة في سورية، جعله يوكل مهمة قتلهم في لبنان للجيش. الآن حتى الجيش أصبح مسيساً وموجهاً لخدمة أهداف حزب الشيطان وحلفائه. إنها حرب ضد السنة، ليشغلوهم ويشغلوا العالم عن الفظائع التي يرتكبها الحزب في سورية ولينقلوا الحرب إلى بيت كل سني.
الأدهى من هذا كله أن الجيش رفض هدنة يتم خلالها إجلاء الجرحى والمصابين. هذا ليس أسلوب دولة معتبرة وإنما أسلوب عصابات تعلمه الجيش من حزب الشيطان وحزب البعث السوري، للأسف.
أصبحت الدولة محكومة بأهواء وميول إيران وعملائها. تحول الجيش الذي كنا نؤمل فيه الخير والاتزان والعقلانية والنظر بعين المساواة لكل اللبنانيين إلى أداة بيد الحزب وأخشى أن يتوجه للهجوم على مواطنين سعوديين وخليجيين ما دام لم يرحم حتى أبناء جلدته.
ليعذرني كل لبناني إذا قلت إنني أرفض تعدي أي لبناني من أي مذهب أو ملة على أي رمز أو مواطن أو مسؤول أو موقف سعودي، بغض النظر عن مكانه، وأعتبرها خيانة للبنان وللسعودية معا. وأطالب الشعب اللبناني بإنهاء مستقبل السياسيين "الخونة" الذين يعيشون على خيانة السعودية لأنها خيانة للبنان. أطالب كل اللبنانيين الأحرار الذين ينتمون للبنان بقطع ألسنة "الملسونين" المحرضين على السعودية برفع الدعاوى عليهم لأنهم يتسببون في دمار لبنان وخسارته، وإيقاف ما يقوم به الجيش اليوم من استهداف للسنة.
كما أطالب المملكة بالتراجع عن لبنان، التوقف عن الدعم الذي تقدمه لكل لبنان، إيقاف التأشيرات للبنانيين، وخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي معها، عدم تجديد إقامة أي لبناني بغض النظر عن انتمائه، لأننا يجب أن نتعامل مع الدولة وليس مع الأحزاب السياسية. فإذا تراجع اللبنانيون وربطوا كلابهم المسعورة، وأسقطوا السياسيين الخونة، وعادت السيطرة للدولة، فلنا معهم موعد جديد وإلا فحالة قطر ماثلة أمامنا. إلى غير رجعة هذه العلاقات التي نخسر منها أكثر مما نكسب.