عفواً لبنان .. لم يعد في القلب مكان (2 من 3)
تناولت في الحلقة الأولى من هذا المقال تطاول بعض اللبنانيين على شاشات التلفزيونات والصحف والإنترنت على السعودية ودول الخليج، واستغلالهم حرية الرأي للتربح من هنا وهناك. ثم تحدثت عن الجهات التي تمول عمليات الشتم تلك وهي إيران وسورية والسياسيون المتربحون الفاسدون. اليوم أتحدث عن تاريخ تحولهم للعداء تجاه المملكة ودول الخليج وأهدافهم من حفلات السب والشتم العلنية.
- كيف أصبح الممولون بهذا الحقد والعداء للمملكة؟ السؤال بالنسبة لإيران معلوم الإجابة، هدف إيران النهائي إزالة المذهب السني في المرحلة الأولى، ومن ثم إزالة الجنس العربي بعد ظهور ''المهدي''، الذي يقتل عندهم تسعة أعشار العرب، بغض النظر عن مذهبهم.
سورية تحولت إلى عدو شرس بعد أن أخرجتها السياسة السعودية من لبنان، وأعادت للبنان استقلاله وسيادته. كان رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري شخصاً عظيماً عنده طموح الاستقلال وضمان سيادة اللبنانيين على أراضيهم كافة. بقيت سورية شوكة في نحر لبنان كلما ظهر ضوء في الأفق أطفأه حزب البعث. كانت الآلة الاستعمارية السورية تدير لبنان، وتمنع رئيس الدولة ورئيس الوزراء من اتخاذ أي إجراء إلا بعد أخذ موافقة مندوب الباب العالي السوري ''بريمر لبنان''. أراد الحريري أن تتوقف سورية عن التدخل السافر والتحكم في مصير لبنان، خصوصاً تهريب السلاح لحزب الشيطان، ودعمه لإذلال اللبنانيين، وعندما اقترب من تحقيق مراده فجرته سورية وحزبها وأنهت بذلك أكبر حلم كان ينتظر لبنان.
وقفت السعودية – كعادتها – مع الحق. ضد التدخل السوري، وعملت على طرد الوجود السوري مؤملة في لبنان مستقل القرار، يريد البقاء والازدهار والعيش بسلام.
قام المراهق السياسي ''بشار'' آنذاك بقذف أسياده الذين مولوا أحدث دباباته وطائراته من ميزانيتهم، واستمر في استهداف المملكة بواسطة ''أزلامه''. لكن الله يأبى إلا أن يحق الحق، فانقلب الشعب السوري على بشار، ولا يزال ''الملسونون'' يحاولون إيهام العالم بأن بشار باق لأنهم يعلمون أنه إن ذهب فرقابهم معلقة في مشانق الشعب والتاريخ الذي لا يرحم.
السياسيون اللبنانيون الذين يدعون استقلال قرارهم ويقومون بتمويل السب والشتم، تحولوا إلى هذه الحال كوسيلة رخيصة لاستجداء الدعم السعودي مالياً. المشكلة أنهم متلونون ويهتفون باسم من يدفع أكثر أو من يخافونه أكثر. هناك من يخاف من حزب الشيطان، فتحالف معه، ونحن نعلم أين يضعهم ذلك. هناك من يريد المال والمال فقط، لكنه إن تحول عن موقفه المعارض فسيصفى جسدياً، وقد ينذر من خلال عملية تطول صديقه أو فرداً من عائلته. لكن الأدهى هو أن يهدد هؤلاء بخصومهم السياسيين. ومن أراد السلامة فليسر حسبما يحدده الحزب، وإلا فليستعد بكل أنواع الحراسات التي لم تنفع الحريري وتويني والجميل وقائمة طويلة.
- لماذا يستهدف هؤلاء السعودية ودول الخليج؟ سؤال لا بد من مواجهته بقوة وصراحة من قبل الشعب اللبناني. ذلك أن دول الخليج، وأخص السعودية، تدعم دون المطالبة برد. تقدم من أموالها دون أن تكون لها مصلحة حالية ولا مستقبلية في لبنان واللبنانيين. وليسترجع اللبناني بذاكرته العقود الطويلة ومنذ استقلاله، وليسأل كيف أضرت السعودية بلبنان أو أخذت منه. لن يجد سوى الدعم والعطاء والبذل. إذاً فكل من يقف ضد السعودية، يقف ضد لبنان الدولة والشعب .. فلماذا يقف مواطن شريف ضد دولته؟
فيما يخص عملاء إيران، فأسأل كل لبناني ماذا صنع لك حزب الشيطان، وما الجامعات والمستشفيات التي أنشأها؟ وما المصانع التي مولها؟ وما الوظائف التي أوجدها؟ وهل يعامل اللبنانيين على قدم المساواة؟ بل هل يعترف بسيادة قرار الدولة اللبنانية؟
هل عرف العالم وزير خارجية ينطق في مؤتمر بما يمليه عليه حزب، ويخالف قرار الدولة؟ بل هل هناك دولة في العالم يديرها حزب يقع خارج الدولة؟ هو حزب عميل نشأ لخدمة مصلحة إيران وتشييع لبنان وقتل كل من يخالفه. المملكة تمثل السنة وتمثل الاعتدال وتمثل أصول العروبة ومنبع الإسلام، لهذا تحاربها إيران في لبنان وخارجه.
سورية تستهدف المملكة في لبنان لأنها لا تعترف أصلاً باستقلال الدولة اللبنانية. يريد الحاكم في سورية أن تبقى لبنان تحت سيطرته ويكون قرارها هو قراره. عندما عملت السعودية على تحرير لبنان وإعطائه حق القرار، واسترجاع هويته واحترامه لذاته سواء في مؤتمر الطائف أو ما تلاه، تحولت إلى خصم مستتر أثناء حكم حافظ، لأنه سياسي محنك ويعرف من أين تؤكل الكتف. عرف أنه لا يستطيع أن يهزم السعودية في لبنان لأن أهداف كل منهما واضحة، فتقارب مع السعودية وحصل من جراء ذلك على المليارات المباشرة ومئات المليارات غير المباشرة التي ترد إليه من تحويلات السوريين الذين يعملون في المملكة ويحصلون على مزايا كثيرة. لعبة سياسية لم يفهمها بشار، فانطلق مؤمناً بأنه يستطيع أن يهزم الجميع وأولهم شعبه الذي انقلب عليه.
أما لماذا يعيش سياسيون لبنانيون على شتم السعودية فذلك مرده من ناحية حب البقاء، وهي صفة بشرية لا نلومهم على التمسك بها، والبقاء في الصورة، وهي حالة من النرجسية السياسية التي تجعل السياسي يلغي كل قيمه في سبيل أن يبقى أمام الناس وفي أوائل قوائم المدعوين، وفي عناوين الصحف، وأمام التجمعات وفي مقدمة المظاهرات.
يمكن أن نبرر حب الحياة، لكن عندما يعود السياسي إلى بيته سواء في الضاحية أو بيروت أو الجبل أو المتن أو البقاع أو صيدا أو طرابلس، ويجلس جلسة مصارحة مع نفسه، سيجد أن السعودية لها من الفضل والبذل وعدم الاعتداء والصرف غير المسبوق على لبنان وتكوين الثروات الهائلة للبنانيين في لبنان وخارج لبنان، ما يجعلها حليفاً استراتيجياً ليس من الأمانة والوطنية أن يخسره لبنان ومستقبل لبنان.