باي باي.. جو!
عندما تبلغ الفتاة الأمريكية السادسة عشرة من عمرها تجمع ثيابها وحاجياتها القليلة في حقيبة ثم تقف على باب الفيلا وتقول لأبيها: ''بايباي جو''.. ولأمها: ''بايباي مامي''.. ولا يتبادلون القبلات.. ولا يذرفون الدموع.
لقد أعلنت البنت استقلالها.. وهي خارجة لتحقق ذاتها ولتبني حياتها.. وقد تضيع وقد تصل إلى أكبر المراكز.. المهم أنها تصنع مصيرها وتتحمل مسؤوليتها.
والمعروف علميا أن المسؤولية المبكرة تبني الشخصية، وتعجل بالنضج.. أما سيطرة الأبوين فتنتج شخصيات هزيلة وهزلية لا تستطيع بناء مستقبلها المستقل.
أما الفتاة العربية فلا تخرج من بيتها إلا إلى الزواج وإما إلى القبر.. وعادة ما يكون الزوج من اختيار الأب أو الأم أو كليهما.. فالفتاة ليس لها رأي حتى فيمن ستسلمه نفسها وحياتها.. وعادة ما تدب المشاكل سريعا.. ويأتي الطلاق ومشكلاته ومآسيه.
الفارق بين البنت هناك والبنت هنا.. أنها هناك تخرج بملء إرادتها دون استجواب ولا إكراه.. إنما تخرج وعلاقتها بأسرتها طيبة.. فهي تريد أن تبني مستقبلها كما تريد.. وهم موافقون على ذلك.
إننا بالطبع لا نريد أن نفتح الأبواب لبناتنا يذهبن أو يخرجن كما تخرج الفتاة الأمريكية.. ولكننا في الوقت نفسه نعترض على القهر.. وفرض القيود.. والقيام بالاختيار بالنيابة عن الفتاة.. وإعدام شخصيتها!
إن القهر لم يمنع 1334 فتاة سعودية من الهرب حسب آخر إحصائية.. أي أن الأبواب المغلقة لم تمنع هروب هذا العدد الكبير من الفتيات من بيوتهن.. ولكل واحدة قصة.. ولكن المشترك بين الجميع هو تعنت الأسرة وفرض القيود.. فقد تمنع أسرة ابنتها من الخروج نهائيا.. وقد تمنعها من دخول المدرسة.. أو من إكمال تعليمها.. أو رفض العريس الذي تراه الفتاة مناسبا.
وكما نشرت الصحف فهناك نموذج صارخ لفتاة في أواخر العشرينيات تلقت من أنواع الإيذاء النفسي والبدني ما تهتز له مشاعر أي إنسان.. فما الذنب الذي اقترفته هذه الفتاة لتقع تحت تعذيب القرون الوسطى.. صدق أو لا تصدق أن هذا حدث لأنها على وشك أن تحصل على الماجستير والأسرة تقف في طريقها.. وأنها وجدت العريس المناسب ورفضت الأسرة لأسباب قبلية.. ولهذا هربت!
إننا لسنا أمريكان.. ولكن الحرية ليست أمريكية فقط.. إنها حق إنساني للجميع.. فكفانا تخلفا وتعنتا.