المدرب الوطني خارج حسابات الوطن
وسط هذا الضجيج الذي لا ينتهي تدور رحى التدوير بين المدربين في منطقة الخليج، الكل يبحث عن الأفضل بل معظمهم يبحثون عن الأسماء الرنانة مهما بلغ ثمنها أو علت تكاليفها التعاقدية، المهم هو السرعة في تكميم أفواه الإعلام الذي ما زال يقلب أوراق الماضي بكافة أخطائه ويثير غضب الجماهير ويؤلبها على رئيس النادي ومن حوله من العاملين، مما يجعل المسوولين في حرج دائم مع جماهيرهم، نحن أمام قضية شائكة وطريق مغلق يدفع كل مفكر وباحث في الوسط الرياضي إلى قراءة ما يجري في رياضتنا من تخبطات فنية وإدارية، أنه نوع من أنوع الجنون الذي لا ينتهي، راح ضحية هذه التصرفات العشوائية شخصيات مرموقة ومدربون عالميون ونجوم كبار.
هذه الأسماء المتميزة في بورصة المدربين، قاتل رؤساء الأندية من أجل استقطابها والتوقيع معها ودفعوا أموالا طائلة من أجل التعاقد مع جهاز فني كفؤ ولعدة مواسم، في حين نجد أنه بعد برهة من الزمن تكون هذه الأجهزة الفنية عبئاً ثقيلا على ميزانية النادي ومنسوبيه بعد تدني نتائج الفريق، وكأن من يرسم العلاقة بين الأجهزة الفنية ومنسوبي الأندية هي النتائج فقط، فمنذ متى ونحن نطالب بحسن الاختيار وعدم التسرع في تغيير المدربين مع العلم بأن الإعلام هو الذي يجرد المدرب من فكره ويعيب في عمله ويظهر أخطاءه ويفسر مقاصدهم الحسنة إلى تأويلات ليست موجودة في مخيلة المدرب ولم ترد إلى ذهنه.
لك أن تتخيل أن معظم الفرق في دوري زين السعودي للمحترفين يلعبون بتشكيلة في الفترة الصيفية الأولى مغايرة عن تشكيلة الفترة الشتوية الثانية، التي تعقب فترة تسجيل اللاعبين المحترفين، وهذا يعني أن حتى ظاهرة تغيير اللاعبين بدأت تتزايد من موسم لآخر، ومما لا شك فيه أن لدينا مؤشر خطير ينبئ عن تفشي ظاهرة جديدة مختلفة عن ظاهرة تغيير المدربين وهي ظاهرة تغيير اللاعبين الأجانب وحتى السعوديين وهذا يزيد من أعباء النادي المادية ويرهق ميزانيات الأندية السعودية ويدخلها في دائرة الديون غير المبررة، الناتجة عن سوء الاختيار والعشوائية في الإدارة الفنية للفريق.
أستغرب كثيراً من تصرفات بعض الجماهير التي تتفاعل مع بعض التعاقدات أكثر من تفاعلها من عدم تحقيق إنجازات، وأود هنا أن أشعرهم بأن وقت الزمن الجميل تغير فتغيرت معها معالم كرة القدم من النواحي التكتيكية واللعب الجماعي وبدأت تختفي ظاهرة اللاعب النجم، فلو ألقينا نظرة عابرة على أعرق الفرق الأوروبية لوجدنا أن النجم العالمي الأرجنتيني ميسي لم يصنع لمنتخب بلده أي شيء يذكر في كأس العالم، وكذلك عندما ترك المدرب جارديولا فريق برشلونة اختفى هو ورفاقه. كرة القدم هي كرة جماعية وفكر وسياسة مدربين قبل أن تعتمد على النجوم.
بما أننا نتحدث عن المدربين ولدينا العديد من المدربين الوطنيين المميزين الذين قدموا للكرة السعودية إنجازات أمثال خليل الزياني، القروني، والخراشي وبزوغ أاسم النجم سامي الجابر كمدرب للهلال والمدرب على كميخ كمدرب للفيصلي الأردني، وهذه بلا شك خطوات تخدم المدرب الوطني وتنبأ بأن وقت اعتماد المدرب الوطني في الأندية بات قربياً في حالة نجاح الجابر وكميخ، فهل يتكاتف الوطنيون من أجل إعادة الثقة في قدراتهم والاعتماد عليهم بدلاً من هدر الأموال للخواجات.