مفاجآت الأهلي والهلال ..
الحياة التي نعيشها مليئة بالمفاجآت التي ربما لم نحسب لها حسابا ولم نستعد لحدوثها أو حتى التفكير فيها، فليس كل هدف تحدده تستطيع الوصول إليه وتحقيقه، وليس كل ما تتوقع أو نخمنه يمكن أن يحدث، لذا فمن الطبيعي جداً أن ترى الهلال متدهورا وهو الذي تميز عن بقية الأندية بجلب أجانب مميزين وأطقم فنية لها اسمها وقوتها على المستوى الأوروبي. لقد تغيرت سياسة الهلال في الموسمين السابقين وطريقة انتقائيته للاعبين، فحدث كسوف للبدر هزّ عرش الرئيس وقلل من شعبيته بين أنصار ناديه.. هكذا هي كرة القدم يوم لك ويوم عليك.
من كان يتوقع أن يبتعد الأهلي عن منصات التتويج هذا الموسم وهو وصيف كأس آسيا وبطل كأس الملك للأبطال وثاني الدوري في الموسم السابق، لك أن تتخيل بخيالك الواسع كيف استطاع الفتح تحقيق بطولة الدوري في أربع وعشرين جولة فقط!.
ربما أكثر المتفائلين في الوسط الرياضي لم يتوقع وصول الاتحاد للمباراة النهائية في كأس الملك للأبطال وهو الذي عانى طول الموسم من جملة مشاكل مالية وفنية منها إبعاد نجوم الفريق ومنحهم إجازة مفتوحة حتى نهاية الموسم الرياضي، واعتمد على الوجوه الشابة التي تفتقد الخبرة مع عدم ثقة الجماهير والإعلام الاتحادي بأن لديهم القدرة على تعويض الموقوفين في مباريات الفريق الحاسمة من كأس الأبطال.
ومن كان يخطر بباله أن فريق العروبة يحقق الصعود لدوري عبد اللطيف جميل على الرغم من وجود أندية متمرسة مثل القادسية والطائي والأنصار والرياض والخليج. تهانينا لرجالات العروبة ونجومه الذين كسبوا التحدي وحققوا التفوق.
أي منطق هذا الذي منح الفتح بطولة الدوري رغم شح الموارد المادية وقلة الخبرة الإدارية، مع عدم تكافؤ الفرص بينه وبين معظم خصومه؟ أتساءل أين الخبراء والفنيون من أندية المال والأضواء في اختيار اللاعبين الأجانب والمدربين؟ هل القرارات في معظم الأندية ارتجالية وتفتقد لمشورة الفنيين وأصحاب النظرة الثاقبة؟.
لا أحد يشك أن هناك عملا جبارا ومجهودا كبيرا بذل من قبل رؤساء وإدارات الأندية، ولكن منهم من نجح في مهمته وفكره، ومنهم من ذهب مجهوده و ماله أدراج الرياح ولم يحقق ولو جزءا بسيرا من طموحات محبي ناديه وأهدافه التي رسمها مع بداية الموسم مع أجهزته الفنية.
هناك فرق شاسع بين من يعرف ماذا يريد ومن لا يعرف أبجديات كرة القدم أو نمط التعامل مع أجوائها ويعتقد أن لغة المال هي اللغة التي يمكن أن يحقق من خلالها أمجاده الضائعة، ويتصور أن الرياضة عبارة عن قوة مالية والقدرة على إقناع جماهير النادي عندما تواجهه في أي إخفاق.
اليوم صارت كرة القدم فكرا قبل أن تكون مالا وتكتيكا، ومهارات فردية قبل أن تكون حماسا وروحا عالية.
نحن في حاجة إلى إعادة صياغة فكر الإعلامي الذي يطرح ما بدا له قبل أن نوجه الإداريين واللاعبين في الأندية.
من يسمع لكلام الجماهير والإعلاميين في إشراك أو إبعاد لاعب أو عزل مدرب، فعليه تحمل تبعات هذا التصرف اللامسؤول والذي لا يعتمد على التجربة الميدانية والعقل بل تحكمه عواطف وأهواء ليس لها علاقة بكرة القدم.