عبد الله باجبير وجيفري آرتشر
اقترح عبد الله باجبير في مقالته يوم السبت الماضي أهم أسرع الطرق التي تؤدي إلى النجاح والثروة في رأيه، وحصرها في ثلاثة مجالات ألا وهي استخدام الذكاء أو الحنجرة أو القدم، دعوة منه لاستخدام الموهبة في العمل للوصول إلى النجاح، مضيفا في نهاية المقال: ''أما إذا كنت من هواة الفقر والكآبة فاشتغل بالكتابة''.
أوافق باجبير في رأيه، فعديد من الكتاب المبدعين لم يسمع الكثير عنهم، أما البعض الآخر يبدو كأن العدد القليل من القراء يتعمدون إهدار مجهوداتهم بالعمل على نشر مؤلفاتهم بطرق غير مشروعة؛ مثل نسخها وتوزيعها أو نشرها عن طريق الإنترنت، مهما قلت قيمة بيع الكتاب، كما يلاحظ البعض منا عديدا من الكتب لأكثر المؤلفين شهرة وإبداعا لا تتجاوز إعادة طباعتها مرة واحدة، بينما تستمر إعادة طباعة الكتب في مجتمعات أخرى لما يزيد على 50 مرة، وقد تترجم للغات أخرى.
يوجد عديد من الأمثلة لانتقال بعض الكتّاب إلى عالم النجاح والثراء والشهرة من كتاباتهم ومؤلفاتهم؛ مثل مؤلفة سلسلة روايات هاري بوتر جي. كاي. رولنج J. K. Rowling، التي يقال إنها قررت بعد ربحها الهائل والوصول إلى الكتاب السابع من سلسلتها، ألا تعود لهاري بوتر إلا لأسباب خيرية. ويبدو أن قناعتها ظهرت بعد اكتفائها من الثراء، ولا أرى مانع لأي مؤلف عربي أن يغبطها.
ومن أكثر الأمثلة الجديرة بالذكر قصة السياسي البريطاني المعروف جيفري آرتشرJeffey Archer، الذي أصبح عضو مجلس النواب البريطاني في سن 29، التي تعد سنا مبكرة مقارنة بكثير من الأعضاء، وعمل ما يقارب خمس سنوات في مجلس العموم في بداية السبعينيات من القرن الميلادي الماضي، وأصبح لاحقا في الثمانينيات نائب رئيس حزب المحافظين. اضطر آرتشر إلى الاستقالة في المرة الأولى من مجلس العموم على الرغم من حساسية استقالته بالنسبة لحزب المحافظين، الذي كان يتمتع بأغلبية ضئيلة في البرلمان بالكاد مكنته من تشكيل الحكومة، حيث كانت استقالته بسبب الديون التي وضعته بين المفلسين، التي تراكمت عليه نتيجة استثماره بكثافة في شركة كندية أعلنت تصفيتها وتسببت في سجن عدد من مديريها بتهمة الاحتيال. جازف آرتشر بمنصبه السياسي لعلمه المسبق باستحالة سداد الديون المتراكمة عليه، والتي قدّر تسديدها بمدة تزيد على 100 عام لو استمر في عمله في المجلس. فعزم على تسديد ديونه التي تجاوزت 400 ألف جنيه استرليني، في ذلك الحين، عن طريق تجسيد قصة حياته في رواية خيالية أسماها (لا قرش زيادة ولا قرش أقل)Not a Penny More، Not a Penny Less عام 1976 بيع منها أكثر من مليون نسخة في عديد من الدول، مكنته من تجاوز مشكلته ووضعته بين رجال الأعمال.
يعد الكثيرون جيفري آرتشر شخصية مثيرة للجدل، ولكن بغض النظر عن تصرفاته وتاريخه المليء بالأحداث التي تباينت وجهات النظر فيها، فإنه يمكن أخذ العبرة من قصة آرتشر الذي فهم مجتمعه الشغوف بالقراءة، ولجأ للكتابة التي ساعدته على سداد ديونه ونقلته لقائمة المشاهير والأغنياء، وهو ما يرى الكثير صعوبة تحقيقه في مجتمعنا العربي. أختم القول إن عمل الكتّاب من أمثال أستاذنا الفاضل عبد الله باجبير في مجتمع يعشق القراءة ويقدرها ويحترم المبدعين، يصنع العديد من أمثال جيفري آرتشر.