مشكلة المياه وترشيد الاستهلاك

حينما صحوت في الصباح تفاجأت بانقطاع المياه فالخزان فارغ تقريبا، اتصلت على شركة المياه وأخبروني أن المياه ستصب عندي اليوم عند الساعة الرابعة عصرا، وحينما طلبت منهم توفير صهريج من المياه إلى أن تصب المياه لدي تفضلوا مشكورين بتوفير ذلك وبسعر معقول جدا (72 ريالا)، ولم تستغرق هذه العملية أكثر من ساعة ونصف، ولم اضطر خلالها إلى مغادرة المنزل، وأنا هنا أحب أن أوجه التحية للمسؤولين في شركة المياه الوطنية على هذا التفاعل السريع، فهذا تطور ملحوظ في أداء الشركة، حيث اقترب أداؤها من أداء الشركات الخاصة التي تعمل بفعالية وكفاءة عالية، ولأن نشاط الشركة هو توفير المياه التي تعتبر عصب الحياة وأهم ما فيها فإن تطور الشركة قد انعكس بشكل إيجابي كبير على المواطنين، وساهم في تمتع المواطنين بوفرة المياه في بلد تعاني قلة المياه وندرتها ولا شك أن محطات تحلية المياه ساهمت كثيرا في حل تلك المشكلة.
ولكن مشكلة المياه لا تزال مشكلة كبيرة يعانيها بعض الناس وسببها حسب ما أعتقد وجود مشكلة ما لديهم تجعل استهلاك المياه أكثر من المعدل المقبول، وقد يعود ذلك إلى عدم الترشيد في استخدام المياه، وقد يكون بسبب تسريب غير معروف لديهم أو مشكلة في التمديدات الداخلية أو أشجار شنت حربها الشعواء على خزان المياه ومواسيره الممتدة. وما يزيد المشكلة تعقيدا أن المواطنين لم يستوعبوا بعد أهمية أدوات ترشيد المياه، ولم تشن الشركات التجارية التي تبيع تلك الأدوات حملات إعلانية واسعة للترويج لها بما في ذلك جعل المواطنين يجربونها، وأن يوفروا فنيين متخصصين لتركيب تلك الأدوات في منازل المواطنين (العملاء)، فحملات التوعية التي تشنها شركة المياه الوطنية غير ناجحة، كما أراها، فهي أشبه بحملات وزارة الصحة التي نطبق عليها المثل القائل (خذ وخل)، فلو مولت شركة المياه الحملات الإعلانية التجارية لمنتجات ترشيد المياه لكانت المنفعة أعم، حيث إن لدى الشركات التي تعمل بهذه المنتجات الدوافع الكافية لتحقيق مزيد من الأرباح، فهناك مثلا ماكينة ضخ المياه التي تعمل على أساس ضخ المياه مع الهواء، فيكون غسل الأرضيات الخارجية والنوافذ أكثر فاعلية بكثير ويوفر كمية كبيرة من المياه التي تستخدم في غسل الأرضيات الخارجية، وما يجعل المواطنين لا يقبلون عليها ليس سعرها المرتفع بل عدم تأكدهم من قدرتهم على تشغيلها وعدم فاعليتها لتغطية مساحات واسعة باستخدام عملي، إذا على شركة المياه أن تجد بدائل عملية أو تعديلات تناسب طبيعة منازلنا وطريقة عيشنا، ومن الممكن أن تتعاون شركة المياه مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لعمل أبحاث في هذا الشأن، فالمطلوب منتجات لترشيد استخدام المياه عملية وتناسب طبيعة منازلنا ونعرف كيفية تركيبها واستخدامها.
أما مشكلة التسريبات غير المعروفة ومشاكل التمديدات فقد ساهم بتفاقم المشكلة انتشار السباكين غير المؤهلين في محال الكهرباء الذين يعتبروننا حقل تجارب لصقل خبرتهم ليس في السباكة فقط وإنما في السباكة والكهرباء، كما أننا نترك عندما نبني منازلنا الجديدة أمر السباكة بيد سباكين سمعنا من الآخرين أن لهم تجارب جيدة في أعمالها، والحل في ذلك أن نجعل شركة المياه تمنح الشركات التي تعمل بالسباكة ترخيص للعمل بعد أن تتأكد من وجود المعدات اللازمة والكوادر المؤهلة لديها والتي يمكن من خلالها كشف مشاكل التمديدات والتسريبات وحلها، وعلى شركة المياه أن تنشئ قسما خاصا لديها يقدم خدمات لحل مشاكل التمديدات والتسربات داخل منازل المواطنين بمقابل ربحي، وذلك لكيلا تقوم الشركات التي يتم منحها تراخيص العمل في هذا المجال بالمغالاة في الأسعار، ولو أردنا أن نطبق مفهوم (الوقاية خير من العلاج) فيمكن أن يتم اعتماد مواصفات التمديدات الخاصة بالمياه للمنازل الجديدة من شركة المياه مثل ما تفعل البلديات من اعتماد مخططات المنازل، وتقوم الشركة بفحص التمديدات الداخلية للمنازل الجديدة قبل فتح عدادات المياه فيها، إن ذلك سيساهم في حل مشاكل التمديدات والتسريبات قبل وقوعها.
ورغم كل ذلك ما زلت أشعر بسعادة بالغة بعد أن لمست تطورا ملحوظا في أداء شركة المياه الوطنية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي