Author

تقرير «ساما» تجاهل الأهم.. التضخم والنقد الأجنبي!

|
أصدرت مؤسسة النقد العربي السعودي ''ساما'' تقريرها السنوي الثامن والأربعين. يتناول هذا التقرير وبالتفصيل تطورات الاقتصاد العالمي والمحلي، إضافة إلى أهم التطورات في السياسة المالية والنقدية للدولة. كما يقدم التقرير شرحاً وافياً عن مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية في الاقتصاد السعودي (من بينها قطاع البترول والتجارة والسياحة والقطاع المالي والتأمين، والنقل والاتصالات). وأخيراً يضع التقرير بين يدي القارئ مؤشرات مهمة عن قطاعات التعليم والصحة وكذلك السكن والقوى العاملة. كلمة محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي في المؤتمر الصحافي بمناسبة صدور التقرير السنوي اختزلت أهم التطورات الاقتصادية والمالية، وأولت جانباً مهماً على دور ساما في الإشراف والرقابة على قطاع التمويل. على الرغم من أن جميع البيانات الواردة في تقرير ''ساما'' مهمة لقراءة تطورات الاقتصاد السعودي خلال الأعوام الماضية، إلا أنه يفتقر إلى الإشارة إلى التوقعات المستقبلية للسنوات المقبلة. بما أن من مهام ''ساما'' الرئيسة ــــ التي نص عليها قانون المصرف المركزي للسعودية ــــ هي إدارة السياسة النقدية للمحافظة على استقرار الأسعار وأسعار الصرف، وإدارة احتياطيات المملكة من النقد الأجنبي، وكذلك مراقبة المصارف التجارية، فإن المهتم بالشأن المحلي (سواء كان مستثمراً محلياً أو أجنبيا إعلامياً، أو محللا اقتصاديا وماليا) لديه الرغبة في معرفة التوقعات المستقبلية للمؤشرات الاقتصادية والمالية عن طريق مباشر من القائمين على السياسة النقدية والنظام المالي (وليس الاعتماد على تقارير المنظمات الدولية أو مؤسسات التصنيفات الائتمانية أو المصارف الاستثمارية) لكي يتم ربطها بشكل مباشر بمدى تحقيقها مهام ''ساما''. في العادة يتم ربط عملية إدارة السياسة النقدية وفعاليتها بالمؤشرات التي يستخدمها البنك المركزي التي من ضمنها على سبيل المثال التضخم. في المقابل لا يمكن للمطلع الدقيق للتقرير من معرفة توقعات ''ساما'' للتضخم للسنوات المقبلة وما العوامل الرئيسة المؤثرة في مستوى الأسعار لتكاليف المعيشة. لقد أشار محافظ ''ساما'' في المؤتمر الصحافي إلى أن ''ساما'' لا تتوقع النمو والتضخم بشكل عام، ولكن ''ساما'' لا تتوقع نموا تضخيما في الاقتصاد السعودي، ويمكن أن يستدل عليها من خلال توقعات صندوق النقد الدولي''. إذا كانت ''ساما'' ليست لديها توقعاتها الخاصة بمحركات التضخم وكذلك مستوى التضخم خلال الأعوام المقبلة، فبالتالي من الصعب تحديد مدى فعالية السياسة النقدية في المحافظة على استقرار الأسعار التي تعتبر من أهم مهام ''ساما''. مثال آخر هو حصة النقد الأجنبي التي تمثل نصيب الأسد من جانب الموجودات للمركز المالي لمؤسسة النقد العربي السعودي. تبرز أهمية الاحتياطيات النقدية الأجنبية للمملكة في أمرين رئيسين. أولهما، سعر صرف الريال السعودي المربوط بالدولار، والآخر اعتمادنا على مصدر دخل ناضب وهو النفط. هذه الموجودات الأجنبية تعتمد إلى حد كبير على الإيرادات النفطية. لكن التقرير لا يتطرق إلى توقعات النقد الأجنبي التي تعتمد على مدى ارتفاع أو انخفاض أسعار النفط العالمية. هذه التوقعات مهمة للمهتمين بالشأن الاقتصادي وكذلك لكل مواطن لأن هذه الأصول الأجنبية تمثل ثروة الوطن للأجيال الحالية والقادمة. خلاصة القول، إن تقرير ''ساما'' السنوي دائماً ما يقدم العديد من المؤشرات الثرية عن الجانب الاقتصادي والمالي، ولكنه يفتقر إلى تشخيص توقعات الاقتصاد السعودي للأعوام المقبلة، وبالأخص معدل التضخم الذي له تأثير مباشر في مستوى معيشة كل فرد من خلال القيمة الشرائية للعملة المحلية، وكذلك توقعات الاحتياطيات من النقد الأجنبي التي ـــ حباها الله ــــ لنا من الثروة النفطية وكيفية إدارة هذه الاحتياطيات. وللحديث بقية عن تطورات وإدارة الاحتياطيات الأجنبية.
إنشرها