المرأة دون يوم عالمي

لاحظ كثيرون نهاية الأسبوع الماضي في الثامن من آذار (مارس) احتفاء وسائل الإعلام بيوم المرأة العالمي وإنجازات المرأة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتطوعية. سرد بعضهم في يوم المرأة العالمي أسماء القياديات في العالم وإنجازاتهن، ومال بعضهم الآخر في هذا اليوم إلى مناقشة بعض المشاكل المتعلقة بالمرأة، مثل العنف ضد المرأة ووجوب احترامها والمحافظة على حقوقها. لم يعلم بعضهم بوقوع هذا اليوم قبل تصفحه مواقع الإنترنت أو مشاهدته بالصدفة أحد البرامج الحوارية التي تعدد إنجازات المرأة وتحتفي بيومها العالمي. ومع كل هذا الضجيج لم تسمع كثير من النساء في بعض الدول النامية وربما المتقدمة عن هذا اليوم وما الهدف منه.
على الرغم من تخصيص يوم عالمي للمرأة تحتفي به كثير من الدول الغربية، تعترض كثير من النساء على تخصيص يوم للمرأة للاحتفال بنساء العالم وإنجازاتهن، كما يعتقدن أن تحديد يوم للمرأة خلافا عن الرجل ليس إلا انتقاصا للمرأة وتقليلا من شأنها.
قبل اعتماد اليوم العالمي للمرأة من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1977، كان يسمى هذا اليوم باليوم العالمي للمرأة العاملة. تناقش بعض المعترضات على هذا اليوم أنه كان من الأجدر إبقاء المسمى القديم لهذا اليوم العالمي؛ لما قد يكون فيه من تشجيع النساء وربات المنازل على العمل والإنتاج. ويرى بعضهن الآخر أن المرأة كونها عماد المجتمع ليست في حاجة إلى العمل، وأن مكانتها ودورها واضح وجلي دون سرد إنجازاتها أو تخصيص يوم لها في السنة. من منطق المساواة تخصيص يوم للرجل اقتداء بيوم المرأة العالمي، أو لعلهم يكتفون بتخصيص يوم عالمي للإنسان.
تلقي بعض النساء اللوم على الرجال في تخصيص يوم للمرأة، فتقليل الرجال من دور النساء في المجتمع واستغلالهن هو محور أساسي في حاجة إلى النقاش على مدار العام، وليس في يوم واحد محدد من قبلهم. لعل بعض المهتمين بشؤون المرأة يعتبرون ظهور المرأة في وسائل الإعلام المتعددة وقيادتهم للبرامج الحوارية والثقافية من الأمور المهمة في الارتقاء من شأنها وبخاصة في الدول النامية والعربية. لكنه يبدو أن جزءا كبيرا من اللوم في التقليل من مكانة المرأة يقع على النساء اللاتي يقبلن باستغلالهن. فعلى سبيل المثال يلحظ كثير منا في وسائل الإعلام استغلال النساء المفرط، ودون مبرر؛ ظناً من بعض المنتجين أن النساء يزدن من عدد المشاهدين، تجاهلا للمحتوى وتشديدا على الشكل. وقد اضطرت بعض وسائل الإعلام إظهار بعض الإنجازات، والتي لا يمكن أن تكون أكثر من عادية، لتعبئة الفراغ في البرامج المرئية وصفحات وسائل الإعلام المقروءة. لعل المبالغة في تكريم من لا يستحق، سواء امرأة أو رجلا، هو تقليل من شأن المبدعين في المجتمع.
يبدو لي أن كثيرا من النساء والرجال يستحقون التكريم على إنجازاتهم، ولعل احتفال المجتمعات بإنجازات أفراده حسب مجال التميز ومقدار الإبداع أولى من التخصيص حسب الجنس. معظم الجوائز العالمية الرائدة، مثل جائزة نوبل وجائزة الملك فيصل العالمية بفروعهما المتعددة، وحتى جائزة تيسا بيركنز التذكارية للإعلام والثقافة والحضارة على سبيل المثال. لا تتوجه لأي من الجنسين، بل تعتمد على الإنجازات. في ظني لم يضف هذا اليوم شيئا، فتعريف المرأة بدورها وإتاحة الفرصة لها وتحفزيها على الأداء في مجتمعها وتكامل أدوار أفراد المجتمع أولى من عزل أجزائه كيوم للمرأة ويوم للطفل ويوم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي