نهائي تغيير المسار
في مقال سابق وبالتحديد قبل لقاء الهلال والنصر الماضي في الدوري أشرت إلى أنه ''ديربي مختلف'' انطلاقاً من عدة عوامل، أبرزها أن الفريقين على غير العادة يعيشان وضعاً متقارباً من الناحية الفنية والعناصرية، وبما أن مباراة المنافسين التقليديين هذه المرة على نهائي كأس ولي العهد، فإنني أؤكد أنها ليست بالطبع مجرد ''ديربي'' وثلاث نقاط يستطيع الخاسر تعويضها في مشوار الدوري الطويل، ولا أظن أنها هي الأخرى مجرد نهائي عابر ينتهي هكذا دون تبعات جماهيرية معتادة وتركيز إعلامي كبير وردود أفعال لا تتسم في الأغلب بالمنطقية.
هذا الإحساس ليس من قبيل التفخيم الذي يأتي متوافقاً مع السمعة والعراقة والمتعة التي تحظى بها مباريات العالمي والزعيم التي عودنا عليها اللاعبون محلياً وخليجياً وعربياً، بل أجزم بأنه مبني على معطيات ودلائل وشواهد سابقة قامت معها الدنيا ولم تقعد من مسؤولي الفريقين، الذين يتأثرون ويسيرون وفق ما يطلبه العاطفيون من الإعلام والجماهير لمجرد فقدان ثلاث نقاط، وبناء عليها تتغير الاستراتيجية المرسومة والمزعومة منذ بداية الموسم، فتتجه طلقة التغيير نحو الأجهزة الفنية إن لم تصب الإداريين واللاعبين.
كل هذه الأحكام القاسية والاستنفار غير الطبيعي (وأكرر) من أجل مباراة ''ديربي'' واحدة لا تتجاوز ثلاث نقاط، ورأيناها واقعاً من الإدارتين بلا استثناء، فما بالك وأحدهما يفقد هذه المرة لقباً غالياً لطالما انتظره النصر الغائب عن المنصات، والهلال البعيد عن مستواه بفارغ الصبر حتى وإن كان التنافس بينهما الآن ليس كما كان في أيام الزمن الماضي الجميل.
على هذا الأساس فإن الانطباع السائد من قبل وسائل الإعلام والهاجس الأكبر الذي يسيطر على محبي النصر والهلال في مواقع التواصل الاجتماعي قبل الموقعة المنتظرة، من الطبيعي أن ينشغل بطرح أسئلة مستقبلية و(هشتقة) محيِّرة على شاكلة ماذا لو خسر هذا الفريق؟ وفي المقابل ماذا لو حقق المنافس الآخر البطولة؟
هذا الشعور المقلق والفرح المتنامي لحظة بلحظة يقودني في الحقيقة إلى أن أؤكد أن هذا النهائي بالفعل هو نهائي لن يمر مرور الكرام على إدارتي النصر والهلال، بل من شأنه أن يغيِّر مسار الفريقين ويؤثر فيهما سلبا أو إيجاباً في المراحل والاستحقاقات المقبلة المهمة، فلا الهلال الذي أحكم سيطرته المطلقة على ''الديربيات'' السابقة يتمنى أن يعود النصر على حسابه، ولا أظن أن النصر سيجد فرصة على طبق من ذهب لإعادة أمجاده ومصالحة جماهيره كهذه الفرصة!
أدرك أن المباراة مهمة والمناسبة غالية على الفريقين، لكنني أتمنى أن أخطئ في تقدير ورسم سيناريو تبعات ما بعد المباراة، فلا الهلال يحتمل تغيير جهاز فني ثان خلال موسم واحد وهو مقبل على مشاركة آسيوية مهمة، ولا أتوقع أن تغيِّر خسارة بطولة القناعة بنصر كارينيو وما قدمه من أداء لافت خلال هذا الموسم.