الفتاة و .. الملاءمة لا المواءمة مع سوق العمل

ناقش بعض المتحدثين في ندوة التعليم العالي للفتاة، المنعقدة في الرياض أخيرا، مواءمة التعليم العالي للفتاة بمخرجات سوق العمل. يقصد المختصون بالمواءمة، تناسق أو تطابق تخصصات الخريجات مع احتياجات سوق العمل كمّا ونوعا. حيث دعى بعض المتحدثين في المؤتمر إلى أهمية السعي إلى المواءمة عن طريق إضافة تخصصات جامعية وافتتاح كليات جديدة تتناسب مع سوق العمل، إضافة إلى دعوة عديد من المختصين إلى التعاون المؤسسي بين وزارتي العمل والخدمة المدنية والقطاع الخاص مع الجامعات ومؤسسات التعليم العالي الأخرى. كما ألقى البعض اللوم على تلك الجهات باعتبارها المسبب الرئيس للبطالة لعدة أسباب، مثل عدم توفير بيانات معاصرة دقيقة أو مستقبلية مفيدة عن سوق العمل والاكتفاء أحيانا بوصف الوضع الراهن. تحدث آخرون عن نسب وأسباب تزايد الخريجات الجامعيات الباحثات عن العمل، ومدى أهمية المواءمة في حل هذه المشكلة.
من جهة أخرى، دعا آخرون إلى أهمية إيجاد الحلول التي لا يمكن حصرها في المواءمة من حيث أعداد الخريجات والتخصصات. والتقليل من الاعتماد التام على مواءمة مخرجات التعليم بسوق العمل، والنظر في تبني مبادرات تساعد الخريجات على إيجاد الوظائف المناسبة، مثل تشجيع الطالبات على اكتساب خبرات ومهارات أساسية متعددة خلال فترة دراستهن الجامعية، مثل مهارات القيادة، والعمل الجماعي، وأساليب التفكير النقدي والتحليل العلمي، والعرض والتقديم. حيث تساعدهن وتؤهلهن للعمل في مجالات أخرى كثيرة في الحياة العملية. وأشار بعض الأكاديميين إلى صعوبة مرونة التغيير في الجامعات بالسرعة المطلوبة للاحتياجات الآنية لسوق العمل. كما ألمح بعضهم إلى أهمية أن تكون الجامعات هي موطن الإبداع والقيادة والريادة، وأن تكون موجهة لسوق العمل من خلال تأهيل خريجها في المجالات الجديدة والمهارات العالمية التي تتطلبها المهن المختلفة. كما ركز كثيرون على أهمية تنازل الجهات المعنية بالتوظيف عن شرط تطابق التخصص الدراسي مع المسمى الوظيفي، والبدء في البحث عن المؤهلات الفعلية التي تخدمهم أثناء اختيار المتقدمين للوظائف.
يبدو أيضا في هذا السياق، أن شرط الخبرة يشكل معضلة لكثير من الخريجين. حيث إن الخبرة تأتي نتيجة الممارسة الفعلية للعمل، والعمل لا يأتي إلا بالخبرة، وجهات التوظيف تشترط الخبرة بما يصل إلى خمس سنوات كأساس للنظر في طلب التوظيف. يجب على الجهات المسؤولة، بالتعاون مع الجامعات ومؤسسات العمل تنظيم برامج لتدريب الطالبات أثناء الدراسة أو تدريب الخريجات حسب برامج متفق عليها في قطاعات العمل المختلفة.
ربما لا يكون المجال مناسبا لعرض الأسباب التي تسهم في الحد من إيجاد فرص عمل كافية. ولكن يرى بعض المعنيين بالتوظيف تعدد العوامل المؤدية إلى ذلك. والأمل أن تجتمع كل الجهات المعنية وتستبدل تدافع المسؤوليات بالتعاون، بما يخدم توفير فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة وتحقيق طموح الشباب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي