وزارة العمل وقضية البطالة

التغيير الوزاري الأخير الذي طال أكثر من حقيبة وزارية مهمة على مستوى الوطن والمواطن، التي من بينها على سبيل المثال وزارة العمل، ووزارة التجارة والصناعة، ووزارة الحج، أحدث وزراؤها المعينون منذ اليوم الأول من تعيينهم تغييرات جذرية في مناحي حياتية متعددة، أسهمت بفاعلية في تحسين حياة المواطن وفي توفير حياة كريمة وسعيدة له، إضافة إلى تحقيقها لنقلة نوعية في أسلوب إدارة العديد من القضايا والشؤون الحياتية.
لعلي أبدأ بالاستشهاد على ما أقول بضرب بعض الأمثلة للإنجازات التي تحققت بوزارة العمل منذ أن تولى حقيبتها المهندس عادل محمد فقيه في شهر آب (أغسطس) 2010، فقد تحققت منذ ذلك التاريخ وحتى الآن إنجازات نوعية كبيرة، تركزت جميعها في مكافحة تفشي البطالة بين الجنسين في المملكة العربية السعودية، التي وكما هو معروف تجاوز معدلها العام (بين الجنسين) في المملكة نسبة الـ 10 في المائة الذي يمثل ضعف معدل البطالة المسموح بها بالنسبة للاقتصادات التي تصل إلى مرحلة التوظيف الكامل لعناصر الإنتاج الذي هو بحدود 5.4 في المائة.
تبنت وزارة العمل تطبيق نحو 36 برنامجا ومبادرة لمكافحة تفشي البطالة في المملكة وتوفير فرص العمل الشريف للمواطنين، التي من بينها برنامج ''نطاقات''، والبرنامج الوطني لإعانة الباحثين عن عمل (حافز)، وبرنامج ''طاقات''، وبرنامج ''لقاءات''، وغيرها من البرامج، التي استهدفت جميعها إعادة هيكلة السوق السعودية إلى الأفضل، بالشكل الذي يتغلب على الاختلالات الهيكلية التي ظلت تعاني منها السوق لفترة طويلة من الوقت وتسببت في إحداث تشوهات وإخفاقات عديدة في السوق، من أبرزها وأهمها عدم قدرة السوق على استيعاب العمالة الوطنية الجديدة الداخلة للسوق وإحلال العمالة الوطنية مكان العمالة الوافدة بأسلوب مدروس ومتدرج لا يضر بمصالح الاقتصاد الوطني.
نتيجة لتلك الجهود، تمكنت سوق العمل من استيعاب وظائف جديدة وتوطين وظائف قائمة بأكثر من ربع مليون وظيفة لأبناء الوطن و54 ألف فرصة عمل للمرأة خلال فترة وجيزة من الزمن. كما قد عالجت تلك المبادرات مشكلة تدني الأجور، حيث على سبيل المثال يشترط لاحتساب العامل السعودي في نسبة التوطين في برنامج ''نطاقات'' بواقع عامل واحد ألا يقل أجره الشهري عن 3000 ريال.
وفي مجال التجارة والصناعة، تمكنت وزارة التجارة والصناعة منذ أن تولى حقيبتها الدكتور توفيق فوزان الربيعة في شهر كانون الأول (ديسمبر) 2011، من تحقيق العديد من الإنجازات، التي لعل من بين أبرزها وأهمها، إحكام سيطرة الرقابة على الأسواق، بهدف الحد من انتشار ظاهرة السلع المقلدة والمغشوشة، أو تلك المخالفة للمواصفات والمقاييس، وذلك من خلال تكثيف جهود الرقابة على الأسواق، ومن خلال أيضا اتباع آلية عقوبات صارمة وموجعة في حق التجار المخالفين، مثل عقوبة التشهير التي كانت لا تطبق في السابق بالقوة التي تطبق بها الآن.
من بين الإنجازات أيضا تمكن الوزارة من خلال اللجنة الوزارية المشكّلة لإنهاء المساهمات العقارية المتعثرة برئاسة وزير التجارة والصناعة، من إنهاء عدد لا بأس به من المساهمات العقارية المتعثرة وتصفيتها تحت شعار ''ساهم معنا في رد الحقوق لأهلها''، وبتحقيق نسب أرباح مرتفعة للغاية.
من بين الإنجازات أيضا، بدء الوزارة في تنفيذ الخطة الاستراتيجية الصناعية للمملكة، حيث تم تأسيس الجهات التنفيذية لتلك الاستراتيجية كالبرنامج الوطني لتطوير التجمعات الصناعية الذي يعمل على تطوير صناعات المنتجات المعدنية، والسيارات وأجزائها والمنتجات البلاستيكية، ومنتجات صناعة الطاقة، والأجهزة المنزلية. جدير بالذكر أن الاستراتيجية الصناعية للمملكة تهدف إلى مضاعفة نسبة الصناعة في الدخل القومي بحلول عام 2020 وأن تكون الصناعة هي الرائدة في الاقتصاد الوطني.
وفي مجال خدمة الحجاج والمعتمرين، فقد حققت وزارة الحج إنجازات جيدة منذ أن تولى حقيبتها الدكتور بندر محمد حجار، التي استهدفت جميعها تسهيل مهمة العمرة والحج على المواطنين والمسلمين الذين يقصدون المملكة في كل عام للحج والعمرة، إضافة إلى التغلب على مشكلة تخلف المعتمرين والحجاج الأجانب.
ومن بين تلك الإنجازات تدشين برنامج الحج منخفض التكلفة خلال موسم حج عام 1433هـ لذوي الدخل المحدود، الذي يندرج تحت مظلته نحو 19 مؤسسة وشركة معتمدة تقدم خدمات الحج للحجاج بأسعار تتراوح ما بين 1900 و3900 ريال.
من بين البرامج والمبادرات أيضا التي ستشرع الوزارة في تطبيقها مع بدء موسم حج العام القادم - بإذن الله - 1434هـ، ما يعرف بالمسار الإلكتروني للحجاج، الذي يتوقع له اختصار إجراءات الحجاج في موسم الحج المقبل بواقع 90 في المائة، فمن خلال هذا المسار يستطيع الحاج أن يتعرف على كل الخدمات التي ستقدم له عند التقديم للتأشيرة وإجراءاتها بالكامل من بلده بما في ذلك البصمة، كما أن هذا المسار سيساعد على التغلب على ظاهرة افتراش وتخلف الحجاج بعد انتهاء موسم الحج، فمن خلاله يمكن التعرف على المتخلف ومتابعته إلكترونيا، ما سيسهم بشكل كبير في التقليل من حالات التخلف، وكما هو واقع الحال بالنسبة لمسار العمرة الإلكتروني الذي أسهم بفاعلية في التقليل من عدد المتخلفين من نحو 500 ألف متخلف في عام 1426هـ إلى نحو 8000 خلال عام 1432هـ.
خلاصة القول: إن عددا من الوزراء الجدد المعينين أخيرا، الذين من بينهم على سبيل المثال، وزير العمل، ووزير التجارة والصناعة، ووزير الحج، فعلى الرغم من توليهم حقائب وزارية منذ فترة وجيزة قياسا بعمر الزمن، إلا أنهم تمكنوا خلال هذه الفترة أن يحدثوا تغييرا ملحوظا وملموسا في أداء وزاراتهم نتيجة ما يمتلكونه من طموح وقدرة فائقة على التغيير، الأمر الذي يتطلب من الجميع مساندتهم وعدم التقليل من قيمة جهودهم بحيث تتحقق الأهداف المنشودة من وزارتهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي