دافعوا عنه بنهجه
رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ,هو من المقدسات الإسلامية التي لا نقبل أن تمس بالسوء نحن المسلمون بأي طريقة كانت,وتعاليم الإسلام ونهج محمد هو الأساس الذي ترتكز عليه حياتنا كمسلمين,وبالذات في الأمور التي تعني الإسلام ورسولنا صاحب الرسالة بشكل مباشر .
في مسيرة نبينا محمد الكثير من الأحداث والمواقف التي أصيب بها بالأذى,ولم يقتصر هذا الأذى على الاستهزاء برسالته أو حتى الإفتراء عليه,بل وصل ذلك إلى الاعتداء الجسدي له كما حدث لرسولنا الكريم في الطائف عندما قدم إلى أهل ثقيف لدعوتهم للإسلام,فهم قابلوه بكل سخرية واستهزاء وأمروه بالخروج من الطائف وقذفه غلمانهم وسفهائهم بالحجارة حتى سالت الدماء من قدميه الشريفتين وشجت رأس زيد أبن الحارث فانطلقا إلى خارج المدينة,حتى أرغموهما على دخول حائط لعتبة وشيبة ابني ربيعة، حيث دعا رسول الله بالدعاء المشهور الذي يفيض ألمًا وحزنًا فقال:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ ضَعْفَ قُوَّتِي، وَقِلَّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، إلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ إلَى عَدُوٍّ يَتَجَهَّمُنِي؟ أَمْ إلَى قَرِيبٍ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي؟ إنْ لَمْ تَكُنْ غَضْبَانَ عَلَيَّ فَلا أُبَالِي، غَيْرَ أَنَّ عَافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ، وَصَلحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ أَنْ يَنْزِلَ بِي غَضَبُكَ، أَوْ يَحُلُّ بِي سَخَطُكَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ» , في هذا الموقف العصيب يقول : «فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ: إِنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيه ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ». فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ : «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» .
هكذا كان تعاملنا رسولنا الكريم مع من أصابوه بالأذى,وكان بإمكانه أن يأمر ملك الجبال في حادثة الطائف لكن كان رحيمة عطوفاً حتى مع من الحقوا به الأذى بل لم يكتفي بالعفو عنهم,لكن دعا ربه أن يخرج من أصلابهم أناس يوحدون الله ولا يشركون به أحد ,وهنا رسالة جميلة من حياة رسولنا المصطفى ,يجب أن نجعلها أمام نصب أعيننا كمسلمين.
جميع المسلمين تثور الدم في رؤوسهم غضبا بسبب ما شاهدوه في الفيلم المسيء لرسولنا الكريم ,لكن غضباً يجب أن لا يأخذانا لردة فعل قد تزيد الأمر سوء اتجاه الآخرين,الذين ليس لهم من ذنب سوى أنهم غير مسلمين,أو أنهم يحملون نفس جنسية أحد القائمين على الفيلم ,فديننا الكريم يأمرونا في سورة الزمر في قولة تعالى (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) وفي هذه الآية دليل صريح وواضح بأن لا نعاقب قوم بفعل أحدهم ,وبالذات من المعاهدين الذين يتواجدون في الدول الإسلامية.
في القران الكريم والسنة النبوية الكثير من الآيات والأحاديث التي لا يتسع مقال واحد لذكرها ,لكن اقتبست جزء بسيط منها للتوضيح,ومثل هذه الأحداث من المفترض أن تكون سبباً لنا للعودة إلى القراءة عن ديننا الكريم,وطرق تعامل المسلمين مع مثل هذه الأحداث,فهي بالتأكيد سوف ترشداً للطريق الصواب.
أتمنى أن يكون المسلمين صف واحداً في الدفاع عن الإسلام وصاحب الرسالة ,ولكن بالطريقة الصحيحة ,فالهدف قد يكون نبيل لكن الطريق الذي نسلطه خاطئ,ومن هنا تحدث الطامة,وأنا على قناعة تامة أن جميع المسلمين يهدفون إلى الدفاع عن رسولنا الكريم,ما عدا بعض المستنفعين من تشويه للإسلام والمسلمين بطريقة أو أخرى .
لذلك يجب أن يكون دفاعنا مقتصر على المطالبة السلمية بمنع الإساءة إلى الإسلام عن طريقة الحكومات والمؤسسات والجمعيات الإسلامية ,التي تستطيع أن تطالب بقانون يمنع المساس بالإسلام ومقدساته,أو من خلالنا نحن الإفراد بكل الطرق المتاحة ولكن بالطريقة التي كان محمد صلى الله عليه وسلم يرد على كل معارضيه.
جميع ما يكتب أو يصور ضد المسلمين هو يحمل رسالة وهدف,و الفيلم الأخير كان يصور المسلمين أنهم همجيون,وقد تحقق هدف الفيلم بردة فعل بعض المسلمين في ليبيا ومصر وتونس واليمن .
في الأخيرة هذه فرصة لنا كمسلمين أن نثبت للعالم أجمع ,إننا غير همجيين أو دمويين كما يحاول البعض أن يصورنا أو يصفنا بسبب بعض الأفراد الذين شوهوا صورة الإسلام والمسلمين مثل ما حدث من تفجيرات حدثت على مستوى العالم على أيادي جماعات تتسمى بالإسلام وهي في الحقيقة أبعد ما تكون عنه وعن نهجه .