بشار الأسد.. الرجل الذي انتحر!

لعميد المسرح الأمريكي يوجين أونيل (1888/1953) مسرحية بعنوان "أوبو ملكا" تدور في مملكة إفريقية صغيرة يحكمها الملك أوبو.. وهذا الملك طاغية يتفنن في تحطيم معنويات شعبه.. ويقوم بقتل كل من يعارضه، وذات يوم يستيقظ أوبو وينادي على خدمه فلا يجدهم فيستدعي الحرس الرئاسي فلا يجد جنديا واحدا موجودا.. يخرج إلى الشارع وينادي على الناس فلا يجد إلا منازل ومحال ومتاجر ومصالح كلها مهجورة.. لقد ترك الشعب البلد وما فيها لأوبو يتصرف فيها كما يشاء.. ويجن أوبو ويسير في المدينة فلا يجد أحدا.. لقد ترك له الشعب البلد وما فيها يتصرف كما يشاء.
وهذه المسرحية كأنها كتبت لما يحدث في سورية الآن.. فالسوريون بين قتيل وجريح وأرمل وأرملة وعائلات أبيدت عن آخرها.. وباقي الشعب ترك البلد وهاجر أو سافر مبتعدا إلى لبنان وإلى بلاد أخرى.. إن ما يفعله بشار هو ما فعله شاوشسكو في رومانيا من قبل وسيكون مصير بشار هو مصير الدكتاتور الروماني، سيقتل بأيدي شعبه.. فثوار سورية يدقون أبواب دمشق، وقد لا ننشر هذه السطور إلا والدكتاتور السوري قد لقي مصرعه إما قتيلا وإما انتحارا، وأعتقد أن لا مصير ثالثا لهذا الديكتاتور الشاب الذي كنا نعتقد أن كونه طبيبا سيكون أفضل من أبيه.. وأنه سيحكم سورية بالعدل.. وسيعود الرخاء للقطر الشقيق، ولكن بشار اختار طريقا آخر.. طريق الموت والخراب.. وإنني أتساءل بعد كل ما حدث هل سيحكم بشار سورية مرة أخرى؟! حتى لو ساعدته بعض الدول ومكنته من الحكم.. إنه في هذه الحالة يجلس على كرسي من الحديد المصهور.. لقد كان لبشار عظة في مصير زين العابدين بن علي في تونس.. وحسني مبارك في مصر، وأظن أن حسني مبارك أخذ القرار الصحيح واعتزل وتنازل عن الكرسي فحقن دماء المصريين.. ولو فعل ما يفعله بشار الآن في سورية لغرقت مصر في بحر من الدماء.. إن مصر تهتز لكنها تهتز لتقف على قدميها وتعاود مسيرتها.
لقد حفر بشار الأسد قبره بيده.. ولم يبق له إلا أن يلقي بنفسه فيه ويغيب إلى الأبد ويصبح رمزا للغباء السياسي والتاريخي.. وفي هذا المجال هناك قول مأثور للإمام علي ـــ رضي الله عنه ـــ (ما أكثر العبر وأقل الاعتبار).. نعم لهذه الحكمة البليغة.. ولو اعتبر بشار بمصر وبمن سبقه من الديكتاتوريين لعرف أن الحكام يأتون ويذهبون لكن الشعوب باقية.. ويبقى الشعب السوري وينتصر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي