أزمة ملاعب

تعيش كرة القدم السعودية في دوامة أزمات لا حصر لها، فما إن تنتهي أزمة حتى تقع في أخرى مشابهة أو أشد، فهي سلسلة متصلة لا تستثني نادياً ولا منتخباً ولا اتحاداً، فمن أزمة الخروج من كأس آسيا، مروراً بالخروج من تصفيات كأس العالم، وانتقالاً إلى الانتخابات وتأجيلها، ثم التصنيف الدولي السيئ للمنتخب، ولو استرسلت في الحديث عن أزمات الأندية واللجان لاحتجت إلى أكثر من مقال لاستعراضها.
الملاحظ وسط هذه الأزمات المتوالية أن مسبّباتها لا تقتصر على جانب دون آخر، ولا تعفي جهة وتتهم أخرى، وإنما الكل شريك في الإسراف فيها، وله يد فيما وصلنا إليه، والمحزن أيضاً في خضم هذه الأزمات أنها أصبحت مركبة، فكل أزمة تلد أخرى، فمن خلال الأزمات الآنفة الذكر نستنتج أزمة غياب الاستراتيجية، وأزمة غياب التخطيط، والأزمة المالية، وأزمة ندرة المواهب والكفاءات، والأزمة الفنية والتنظيمية، وهلمَّ أزمات لا حصر لها.
آخر سلسلة هذه الأزمات المتتالية أزمة ملاعب الأندية، وعندما ندخل في صميم البنى التحتية، فإن هذا مؤشر كبير على أن المرجعية الرياضية لدينا في سبات عميق، وغير مدركة أهمية البنية الرياضية، فالأندية علاوة على ما تعانيه من شح في الموارد المالية أصبحت هي الأخرى مشغولة بأعمال لا تقع في نطاق مسؤولياتها، وليست ضمن اختصاصها، على الأقل ما دمنا بعيدين عن مرحلة الخصخصة في هذا التوقيت.
هذه الأندية المغلوبة على أمرها أصبحت تستغل فترة توقف الأنشطة الرياضية، لصيانة ملاعب أنديتها، وأجبرت على دفع أموال طائلة مرة لمتابعة شؤون بنية الرئاسة التحتية، وأخرى لإقامة معسكرات خارج المملكة للهروب من صداع الصيانة، وعندما تعود استعداداً لانطلاق الدوري تفاجأ بأن الشركة لم تنته بعد من إصلاح الملعب اليتيم الصالح لإجراء التدريبات، ثم تبدأ بعد ذلك رحلة المتاعب بالبحث عن ملاعب!
النصر والأهلي والشعلة وقبلهما الشباب والهلال شعرت بهذه المعاناة، وعندما تستنزف جهود هذه الفرق في البحث عن ملاعب في وقت يتطلب التركيز لإنهاء متطلبات تسجيل المحترفين وجميع الأمور المتعلقة بها قبل انطلاق الموسم الرياضي، فإن ذلك يضع أكثر من علامة استفهام على هذا الجهد الضائع، فهل من المنطقي أن يتنقل مدرب النصر ماتورانا بين الملاعب من ملعب جامعة الإمام إلى ملعب الرياض للتأكد من جاهزيتها؟ وهل من اللائق أن يزاحم فريق الأهلي الأول براعمه على ملعب الأكاديمية أو يغادر إلى ملعب الدفاع الجوي؟
أضع هذه الأزمة الجديدة على طاولة الرئاسة العامة لرعاية الشباب فهي المعنية بحلها وتوفير الدعم اللازم لها.. لماذا لا نستفيد من تجارب الأندية الخليجية المجاورة؟ ولا سيما أن نادياً كالعين الإماراتي لديه ثمانية ملاعب لكرة القدم، ونادي قطر لديه ملعب استضاف افتتاح دورة ألعاب غرب آسيا، إضافة إلى ثلاثة ملاعب للتدريب!
إننا مقبلون على مرحلة مهمة مع أشقائنا الإماراتيين لاستضافة كأس آسيا 2019م، وإذا أردنا المنافسة فعلاً فإن مهر الاستضافة لن يكون بهذه الملاعب المهترئة التي تحتاج إلى صيانة سنوية، بل يجب أن نقدم ملفاً متكاملاً وخطة شاملة تتضمن إعادة هيكلة البنية التحتية الرياضية، لتكون قادرة على تلبية شروط الاتحاد الآسيوي، واستيعاب المنتخبات المشاركة، أما غير ذلك فأعتقد أننا لن ننتظر إلا استضافة بطولة الخليج التي ستقام على ملاعب منتهية الصلاحية شئنا أم أبينا!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي