رحل نايف وجاء سلمان.. ما أروع السعوديين

ما أروعها من صورة تلك التي ينفرد بها السعوديون .. يحزنون على مصابهم، ويعزون أنفسهم فيه، ولا يأخذهم الحزن لأبعد من ذلك، فهم مؤمنون بقضاء الله وقدره، خيره وشره، وربما ليس هناك من هو أكثر ألما ولوعة بين السعوديين من خادم الحرمين الشريفين لفراق الراحل الكبير الأمير نايف بن عبد العزيز، عندما فقد أخاه وعضيده ورفيق دربه وولي عهده ، ومع هذا، فليس هناك مجال لتعطيل أو تأجيل مصالح الدولة العليا، فها هو وبعد أقل من 24 ساعة من توديعه الأمير نايف، يلتفت سريعا لترتيب بيت الحكم ويعين الأمير سلمان بن عبد العزيز وليا للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء. إنها قوة الدولة السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز .. يرحل كبير ويأتي كبير ولا تتوقف عجلة الدولة عن المضي للأمام. يحسب للدولة السعودية أن قراراتها الكبرى لا تأتي بمفاجآت، كان الاستقرار هو السمة الراسخة المعروفة عنها، ولعل أكبر مثال على القدر الكبير من الثبات والاستقرار، أنه مع وفاة الرجل الثاني في أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم لم تشهد أسعار النفط العالمية أي ارتباك لهذا الرحيل المفاجئ، أما السبب فلأن هناك ثقة عالمية كبرى باستقرار مؤسسة الحكم السعودية. ويأتي السؤال: هل كان مفاجئا اختيار الملك للأمير سلمان وليا للعهد؟ أكاد أجزم أن التعيين أتى مع توقعات الغالبية العظمى من المواطنين، فالأمير سلمان محل إجماع، فهو الذي قضى جل عمره في العمل الحكومي، منذ كان في السابعة عشر، متنقلا في الوظائف والمناصب حتى بلغ وزيرا للدفاع. الأمير سلمان كان أميرا لمنطقة الرياض لفترة طويلة، لكن تواصله لم ينقطع مع المواطنين بمشاربهم كافة ومن جميع المناطق السعودية، إضافة إلى أنه عمل مباشرة تحت قيادة خمسة ملوك، لذا فإن الأمر الملكي أتى تأكيدا على أن المؤسسة الحاكمة تسير وفق منهج ثابت صلب يصب في نهاية الأمر في مصلحة الدولة ومواطنيها قبل أي شيء آخر. قد تطرح تساؤلات بشأن عدم تفعيل الملك هيئة البيعة في اختياره الأمير سلمان وليا للعهد، وهنا لا بد من العودة للمادة الثالثة من الأمر الملكي بإنشاء هيئة البيعة، التي حددت أن أحكام نظامها تسري على الحالات المستقبلية ولا تسري على الملك عبد الله، وهو ما يعني أن الملك يحق له الاختيار المباشر لولي عهده إن أراد، أو تفعيل هيئة البيعة كما فعل عند تعيينه الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز. السعودية، كعادتها، حسمت ولاية العهد بشكل سلس يتناسب مع طبيعة مؤسسة الحكم في البلاد، ووجهت رسائل مطمئنة للداخل والخارج، بأنه لا مجال للفراغ الدستوري مهما كان حجم الفقد والألم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي