الحب ليس أعمى
نعم الحب ليس بالأعمى ولا الأعرج! ولا الأعور
الحب ها هنا! / وأشير للقلب!. حيث عين الحقيقة.. وعقلها.. ونبضها!
الحب حيث ترمي الآية/ أم لهم قلوب يعقلون بها!
من قال بأن الحب لا يحتاج لوقوعه إلى أسباب منطقية وشروط كيميائية ''معقدة''!
فهو مسألة روحية وعالم الروح لا ينفك عن العقل والقلب موثق بالبصيرة التي لا يمكن لمسها بقدر ما يمكن الإيمان بها!
إن قول الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم بصحيح مسلم
(الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف) يثبت أن المسألة فيها عقل واختيار فكيف يحدث تعارف وائتلاف بين روحين بلا قبول وقناعة مبدئية تمر بالعقل والفكر معرفة أولا يليها ائتلاف يتجه إلى الدور الثاني حيث يقيم القلب! فيستقر! وتتجنّد له الجنود!.
ربما من أطلق المثل بأنه أعمى يقصد به حين وصوله للدور الثاني ..
لكني ما زلت مصرة على أن الحب بكل أنواعه ليس أعمى حتى إن استقر في القلب!
وبأن الحب بكل أنواعه أيضا ''مشروط'' وأن القول بأنه غير مشروط وهن ووهم آخر في قضية مفهومنا عن الحب!
فلا حب يبقى ويستمر بلا (عطاء ومسؤولية والتزام وتضحية وتبادل) متبادل بين طرفيه!
الحب - بكل أنواعه - عقيدة وجهاد! وقول يصدّقه فعل!
وصدق وشفافية ومحاورة ''حاضرة'' مهما غابت! وهو حرب للبقاء لا تدوم بلا إصرار من طرفيه!
وأي حب افتقر لأي من هذا لا بد له أن يموت في أوله أو أوسطه أو آخره .. مخنوقا أو مغتالا أو ربما منتحرا!
ولعلّي بحديثي عن مَوَاطن الحب .. أعرج إلى حُبّ المَوَاطِن!
الذي بلا قصد كنت قد غيبت عن حبّي لوطني تحت تأثير أن واجب الحب يكون أولا للأمة العربية والإسلامية بأسرها!
لكنه بات يلح في قلبي بهذه السنوات الأخيرة بشكل غريب! تمتثل له مشاعري بلا استئذان!
ولا أجده نقيضا ومعارضا أو حتى مزاحما لحب الأمة بقدر ما أجده ''قوة'' لها.. ونصيرا دافعا.. وتخصصا في الحب يرفع منها ولا يُنزِل!
فما قيمة أن تحب الأمة فتتشتت في آلامها الكبيرة التي لا تنتهي دون أن تعرف حبا واضحا بين يديك تشعر به وتراه وتلوذ إليه فتتحسسه وتفهم تماما ما لك وما عليك تجاهه!
ولو أن أفراد الأمة قد أحبوا أوطانهم كما يجب أكثر من بكائهم على أمتهم لاختلف الحال كثيرا!
أليس علينا أن نعترف بأننا ما زلنا حتى اليوم مقصرين بهذا الحب!
والتقصير - بلا شك - قد يأتي من طرفيه .. فلا ألوم أحدا دون آخر! ولا أحمّل طرفا على آخر!
لكنني أمرر كلماتي لعلّي أتحسس نبضه فينا! ونبضنا فيه!
وأعترف بأنني في الفترة الأخيرة أُكثِر بنهم من سماعي للأغاني الوطنية ولا أدري لِمَ تسري بي قشعريرة لم تكن تحدث لي من قبل! حتى خشيت أن يكون بالوطن ''وجع'' كايد لم يخبرني عنه!
يقول الشاعر اللبناني سعيد عقل بكلمات عذبة بمسرحيته (قدموس) في 1944م وأحيتها ماجدة الرومي بصوت أكثر عذوبة في 2009م بحفل الافتتاح الرسمي للألعاب الفرانكفونية برفقة نجم السينغال يوسو ندور:
ليس إرزاً ولا جبالا .. وماء
وطني الحبُّ ..
ليس في الحبِّ حقدُ!
وهو نورٌ فلا يظلُّ فكَدّ
ويدٌ تبدع الجمالَ ..
وعقلُ!
لا تقل أمّتي وتجتاحَ دنيا!
نحن جارٌ للعالمين وأهلُ!.