أنا القطار الجديد !!
حلم القطار السريع يطارد المواطنين السعوديين منذ مرحلة الطفولة فكنا نردد نشيد "أنا القطار السريع أمشي ولا أستريح" , لكن حال قطارنا الجديد الذي يربط الرياض بالمنطقة الشرقية مختلف , فالقطار السريع استراح مبكراً , ولم يمشي سوء ايام , رغم أنه قطار جديد الصنع , ورغم أن الشركة المصنعة له أسبانية ,لكن يبدو أن هذا القطار لم يعجبه المناخ الصحراوي القاسي لدينا فارتفعت حرارته وتوقف عن الحركة !!
القطار القديم كان يعمل بشكل أفضل رغم تهالكه وطول فترة خدمته , لكن الأعطال كانت أقل بكثير مقارنة بالقطار الجديد الذي لم يمضي على تشغيله سوى فترة بسيطة لم تتجاوز الشهرين.
تصريحات المسؤولين في المؤسسة العامة للخطوط عن أعطال القطار الجديد تقول أن القطار لم يكن ملائم للمناخ الصحراوي,وفي وجهة نظري هذا عذر غير مقبول ابداً ,فهل يعقل أن يتم تعميد شركة اجنبية أن تنشى قطار في منطقة صحراوي , وتضع مواصفات لا تناسب هذه الاجواء , ومن المعروف أن الشركة تدرس المناخ الجغرافي والمناخي لأي منطقة قبل تنفيذ أي مشروع في المنطقة , كذلك تجري عملية تشغيل تجريبي قبل تسليم القطار الى الجهة المستفيدة , حتى تكتشف المشاكل والعيوب , ويتم إصلاحها قبل التشغيل الفعلي لهذا المشروع , لكن يبدو أن الوضع لدينا مختلف فالفترة التجريبية كانت فعلية , والحمد لله أن هذه التجربة نتج عنها فقط ارتفاع في درجة حرارة القطار , وتعطل عن العمل , ولم ينتج عنه ازهاق ارواح لراكبي هذا القطار.
من المناقضات أن المواطن عندما يشتري سيارة من خارج السعودية ,يحتاج الى الذهاب الى هيئة المواصفات والمقاييس السعودية,حتى تقوم الهيئة بفحصها ,ومن بعد ذلك إعطائه شهادة مطابقة للمواصفات السعودية ,هذا والسيارة خاصة بمواطن واحد فقط ,ومن ماله الخاص,فما بالكم بقطار تم إنشائه من قبل الدولة ,والمستفيد منه هم عامة المواطنين , لماذا هيئة المواصفات والمقاييس لم تكن مشرفة على ذلك الأمر , فهو اولى في الاولية والأهمية.
في الحقيقة أتمنى أن يكون هنالك تحقق موسع في قضية القطار ,ومحاسبة المتسبب عن ذلك ,سواء كان من الشركة المنفذة ,او من المسؤولين لدينا , فحكومتنا لم تبخل عن دفع المال للرقي بالوطن وتوفير سبل الراحة للمواطن ,وما يحدث هو اهدار للوقت والمال ,ومخاطرة بأرواح المواطنين.
اتمنى أن تحل قضية اعطال القطار بشكل جذري أو يتم تطبيق الفرض الجزائية على الشركة المنفذة ,واستبدالها بشركة أخرى تعرف أن القطار يسير في صحراء تتجاوز درجة الحرارة بها الخمسين درجة مئوية في فترة الصيف ,وليس في غابات ممطرة !!
في الأخير يجب أن نتذكر أن خافض الحرارة هو مسكن وقتي ,لكن لا يشفي من المرض ,بل أن المريض يحتاج الى علاج ,وبعض مشاريعنا تحتاج الى علاج حقيقي !!