تكفون فلوسنا.. يا هيئة مكافحة الفساد؟!
هيئة السوق المالية لديها لجان قضائية تصدر أحكاما وتعاقب المتلاعبين، ولديها سلطات تنفيذية تسمح بإدراج الشركات في سوق المال وتوقف الشركات المتداولة! وزارة التجارة لديها لجان قضائية تصدر أحكاما وتعاقب المخالفين وتسمح بتأسيس الشركات وتصدر سجلاتها التجارية وتشرف على جمعياتها العمومية!
مؤسسة النقد لديها لجان قضائية تصدر أحكاما تعاقب المتهمين وتسمح بتأسيس البنوك وتشرف عليها وتراقب أعمالها، البنوك تفتح حسابات وتتعامل مع الأفراد والشركات ولديها جيوش من المحامين الداخليين والخارجيين!
أما نحن المواطنون المساهمون في "شركة الاتصالات المتكاملة" من لنا بعد الله ـــ سبحانه وتعالى ـــ في قضيتنا التي استثمرنا فيها أموالنا ومنا الأرامل واليتامى والمتقاعدون وأصحاب الاحتياجات الخاصة، ونحن لم نستثمر فقط بناء على نشرة الاكتتاب ولم نستثمر فقط بشراء سهم بعشرة ريالات، ولكن اشترينا استثمارا في السوق المالي السعودي، اشترينا ثقة في الاقتصاد السعودي! اشترينا بعد قراءة نشرة الإصدار التي كتبها وراجعها ودققها أركان الاقتصاد السعودي وجهاته الرقابية! اشترينا بناء على نشرة إصدار تمت كتابتها وإصدارها من قبل محاسب قانوني معتمد ومستشار قانوني للاكتتاب! ومستشار قانوني لتمويل المساهمين المؤسسين! ومستشار مالي ومدير للاكتتاب ومتعهد للتغطية معتمد ومساعد لمتعهد التغطية المعتمد! ومستشار دراسة السوق! وبنوك مستلمة! وقد استلم كافة هؤلاء 12 مليون ريال من أموالنا واستلم المساهمون المؤسسون 197 مليون ريال مقابل مصاريف ما قبل التشغيل ــ حسبما جاء في نشرة الإصدار ــ والله أعلم ماذا حدث لباقي أموالنا! ومن ثم وبعد تسعة أشهر تم إيقاف التداول على السهم من قبل هيئة سوق المال ببيان مبهم وبناء على تحفظ المحاسب القانوني على النتائج المالية للشركة للأشهر الستة من تاريخ تأسيس الشركة وبعد وصول سعر السهم إلى 53 ريالا بعدة أيام قبل الإيقاف؟!!
وهذه هي الشركة ذاتها التي تم الاكتتاب فيها قبل تسعة أشهر بنشرة الإصدار بعد سماح هيئة سوق المال لها بالاكتتاب والإدراج في سوقنا المالي! ووزارة التجارة أصدرت قرار معالي الأستاذ عبد الله بن أحمد زينل علي رضا وزير التجارة والصناعة رقم (240/ق) وتاريخ 12/7/1432هـ بتأسيس الشركة، وأوضحت أن المؤسسين اكتتبوا في كامل حصتهم ـــ التي هي محور القضية الآن! ـــ وهيئة الاتصالات لديها خطاب ضمان غير مشروط وغير قابل للإلغاء، وأغلب الظن أيضا أنه غير قابل للتسييل! ومؤسسة النقد تشرف على البنوك وتدقق أعمالها!
لقد اكتتبنا بناء على نشرة إصدار أغلب الظن أن بها معلومات غير صحيحة وبإشراف بنوك ومحامين ومحاسبين وبمراجعة وتمحيص وتدقيق وزارة تجارة وهيئة سوق مال ومؤسسة نقد وهيئة اتصالات! وكافة هذه الجهات تلتزم الآن الصمت المريب! ولا نعلم أين هي الحقيقة!
يا هيئة مكافحة الفساد هذه فرصة ذهبية لكشف الحقيقة المختطفة والاستجابة لنداءات مئات الآلاف من المساهمين وملايين المتداولين، إن وصول هيئة مكافحة الفساد لإعلان الحقيقة في هذه القضية الشائكة سيسهم في حل أخطر قضية تواجه اقتصادنا اليوم وهي الشفافية، وأينما وجد أعداء الشفافية وجد الفساد، ولا يوجد في عالم اليوم أهم من سمعة اقتصاد أي بلد. فلوسنا مجمدة يا هيئة مكافحة الفساد وشكلها "مطولة" وجل ما نطالب به هو "معرفة الحقيقة"، ومن ثم قيام كل متضرر باتخاذ الإجراءات القانونية لمقاضاة "كائن من كان" ممن تسبب لنا في هذه الورطة؟!
همس الكلام:
دلوني على إنسان لم يفسده المال!