كسولة نهمة سلبية !

عزيزتي المرأة السعودية لم لا زلتِ في سبات عميق وأنت بلا منازع محط أنظار العالم بإعلامه ودوله ومؤشرات التنمية فيه ؟ يتهمونك بأنك أكسل من (الكوالا) في فروع الشجر وأسمن من فيل في بحيرة طين ، وتابعة تربي على السلبية أجيالاً كالغثاء . ويظن العالم (إلى الآن) أنك مدللة مترفة وطلباتك مجابة ترتعين في خيمة صحراوية تطل على تلال النفوذ السامقة ، وأنك تمتلكين بئر بترول (خلف الخيمة) تعبئين منه بالبراميل فلا ينفذ، وتذهبين به إلى سوق الخميس لتقايضين على مزايين الإبل ومزايين الدجاج ؟ هم يقولون أنك ِمتراخية وحشرية ولا يهمك إلا نفسك ! وأنك أنانية ومثالية (غير واقعية) ومتطلبة ومزدوجة الشخصية وسطحية ! فهل هذا صحيح ؟

إنها للأسف الصورة النمطية (المعممة) التي يحملها العالم في مخيلته عن شؤون المرأة السعودية التي أصبحت اليوم قضية رأي عالمية، وما موقف القيادة الملكية الحكيمة إلا تجسيداً داعماً يعطى المرأة السعودية حقوقها التي تمكنها من خدمة وطنها على الوجه الأمثل. حصر البعض الحقوق في القيادة والرياضة ومجلس الشورى والترشيح والانتخاب لعضوية المجالس البلدية، بينما الذي تصبو إليه حقيقةً هو ايجاد الأنظمة والقرارات التي تسهل امورها في القضاء والمعاملات وسن قوانين العمل وتطبيق تلك القرارات دون عرقلتها.

ونرى الغرب متحمساً لقرارات تبدو قليلة ومتأخرة في حق المرأة السعودية لأنها من صميم الدين وينص عليها دستور الدولة، والمدهش أني كلما قابلت وفوداً أجنبية أو كنت في رحلة خارجية، أجد الأفواه فاغرة والأحداق تتسع عند سماع أخبار المرأة السعودية وانجازاتها المتميزة وماتشارك به بفاعلية في تنمية بلادها. فيا ترى من المسؤول عن تعميم الصورة السلبية للمرأة بالرغم من وجود نماذج مشرّفة على المستوى المحلي والعالمي ؟ أريدكم أن تفتشوا معي عن السبب والأسباب، هل حقاً (بيدها لا بيد عمرو) تصرّ المرأة السعودية على التراخي والتبعية والسلبية لتعيش حياة (أقرب للكرامة) متمنية من الحياة فقط أن تستظل بالرجل (بدل الحيطة) وهو ما تفعله الأغلبية إتقاءً (لعوار الرأس) ؟ هل هي راضخة لأن ما باليد حيلة ، أم لأنه ليس بالإمكان أفضل مما كان ؟ ياوطن الانسانية ما عاد الزمان ينتظرنا لنسبق الأمم، والمرأة هي عقل الأمم ... إذا ذبلت .. مات عقل الأمة بكاملها. المرأة قد تقود أمة ، ولكنها تلد أمة ، وبالتأكيد تربي أمة، فهي أمة بأكملها.

ولأن الحديث في الشأن (الحريمي) تنامى خلال العشر سنوات الأخيرة وأشرق نجم المرأة السعودية وأنتفخت شؤونها ومتطلباتها(كالبالونة) ، إلا أن أدوات الخطاب ورجال الواقع قد عجزوا عن مجاراة تطورها السريع، ومواكبة احتياجاتها فما استطاعت إلى الآن تجاوز مرحلة عنق الزجاجة، والشجاعة هي التي ستجرؤ على إخراج رأسها ، والأخريات باقيات بمحض إرادتهن ينتظرن الفرصة في القاع.

لدينا تصاعد في أرقام الاحصائيات الرسمية المعبرّة عن حالات الغبن والقهر والتعنيف للنساء من أبٍ متعسف أو أخ متسلط أو زوجٍ ظالم بلا رحمة. ونجد بناتاً مغرراً بهن تحتويهم السجون ودور الرعاية وغرف الملاجيء والأربطة، بسبب (شبه رجلٍ) فرط في حقّها وجردّها من الحقوق الإنسانية ومشى يتبختر متشدقاً بمفردة (القوامة).

ولأني سألت ذات مرة سؤالاً فضولياً عن الصفات السلبية للمرأة السعودية في (تويتر) لمعرفة النظرة التي نرى بها (نحن النسوة) بعضنا البعض، فحل المشكلة يبدأ من الوعي أصلاً بوجود مشكلة، فلسنا خير نساء العالم ولسنا نعيش في (يوتوبيا) دنيوية. وهناك شريحة من النساء تقبل (للأسف) تسلط الرجل عليها نتيجة (الجهل بالحقوق وقلة الحيلة والقناعة بالنقص المتأصل فيها) ، يعني الصفة الأساسية هي الضعف والخضوع المذلّ للرجل، وتظل المرأة (صابرة محتسبة) تفادياً للطلاق ومخافة العوز والخسارة. وهناك سيدات يستمتعن بالسبات (الأربد)، ويحلو لهن التلذذ بالعذاب والشكوى ، وهناك نساء لا يرضين بالتغييب ولا التكميم لأنهن يردن الحياة بكرامة، فما الحل إذاً ؟

اقتراح في أذن كل شخص مسؤول عن تنميط المرأة السعودية وحصرها في إطار السلبية والتبعية وعدم الجدوى، سواءً عبر التعليم المتقادم والتربية القاصرة والإعلام المشوّه و(الغمط) في الحقوق الاجتماعية التي كفلها النظام المشرّع ويتراخى في تنفيذها المسؤولون عن التنفيذ تهاوناً في الحقوق. نداء عاجل إلى الرجال القوامين بالحق فلم يعد بالإمكان حبس المرأة وكسرها وتشويه وجودها ودورها في حياة أمة . ربوا بناتكم على ذاتية الاعتماد فالأجيال الجديدة لم تعدّ راضخة مستسلمة وما "أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا ... " . أرحمو المرأة من عجز النظم البالية عن التجدد، ارحموها من تسلط ليث (أربد) على رقبتها وهو لايدري (وين الله حاطه) ! ، ويحسب أن كل صيحة تطالب بالتمكين والوعي هي (عليه). (فالمؤمن القوي خير عند الله من المؤمن الضعيف) وهي مؤمنة وترجو الكرامة في وطنها، ارحموها من ثقل حمل البيت والأسرة والزوج والأبناء وفوق ذلك العمل لأن (العائل) فرط فيمن يعيل !

وأقول لكل كسولة تتلهى بالسخيف وتمتنع عن ممارسة حقها بل وتنكر الحق على الأخريات: كفى (بس خلاص هس )، يريد الوطن أن يتنفس برئتين ، وينتظر منك الكثير فلا تضيعي الوقت في التثاؤب والانكار ! أنتِ محط الأنظار فأنزعي عنك الهموم البالية وكوني الشجاعة صانعة الأمة مربية الأجيال، الكل ينتظر ، حفظك الله ورعاك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي