متقاعدونا.. رواد أيضاً!
تطرقنا كثيراً في السابق لمفهوم ريادة الأعمال وتعرف بأنها ''إنشاء مشروع حر يتسم بالإبداع ويتصف بالمخاطرة''، ولم نربط هذا المفهوم بعمر معين أو شريحة معينة، بل تبنى هذا المفهوم الفكرة أولا ثم التمويل أو الاحتضان من خلال (حاضنات الأعمال)، حيث تركز هذا المفهوم على شبابنا وهم محرك اقتصادنا مستقبلاً، ولكن ماذا عن المتقاعدين أيضاً الذين لديهم الفكرة والخبرة وأحياناً رأس المال. وقد يعانون من الفراغ بعد التقاعد، ولا سيما السنوات الخمس التي تلي التقاعد سواء كان تقاعداً مبكراً أو عند سن 60 سنة، وهو العرف السائد في مجتمعنا. حيث اتجه بعضهم للأعمال التقليدية كسلفائهم ممن سبقوهم بالاستثمار في قطاعات معينة، وغالباً ما بين العقار والأسهم والمقاولات.
وقد أسست جمعية المتقاعدين، وهي جمعية خيرية تقدم بعض الأنشطة للمتقاعدين، بالرغم من الدعم القليل الذي تحظى به لاعتمادها على التبرعات العينية التي يحصلون عليها لتقدم الإرشاد والدورات وورش العمل للاستعداد لهذه المرحلة لما تحمل في طياتها من العبء النفسي الثقيل على المتقاعد في وطننا. حيث أثبتت بعض الممارسات في الدول الغربية نجاح مشاريع المتقاعدين بشكل ملحوظ، نظراً للخبرة التي يمتلكونها والخلفية الإدارية والمهنية، حيث اتجه بعضهم إلى إنشاء مشاريع في المجالات التي كانوا يعملون فيها. أما البعض الآخر فأكمل الخدمة في المنظمة التي كان يعمل فيها، ولما له من الخبرات والتجارب الكافية، اتجهت المنظمة التي عمل فيها للتعاقد معه كمستشار للمشاريع القائمة، وخاصة القطاعات العسكرية لتجنب تعثرها من ناحية والاستفادة من الحصيلة الفكرية للمتقاعد ولتميزه بالجوانب الفنية للمشاريع من ناحية أخرى.
إن إلمام هذا المتقاعد بالخبرة والحنكة التي تساعده على الشراكة مع الشاب صاحب الفكرة الإبداعية والطاقة العالية للبدء في مشروع على أرض الواقع وتضمن نجاح الفكرة لما تحتوي من مزيج بين الخبرة والإبداع للمتقاعد والشاب كطابع تقليدي وريادي في الوقت نفسه. وقد أثبت بعض المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الدول الغربية التي تقاد بواسطة المتقاعد نفسه نجاحها، حيث يعتبر قيمة مضافة للمجتمع على وجه الخصوص والاقتصاد على وجه العموم. إن المتقاعدين يستحقون منا كل الاحترام لما قدموه للوطن في السنوات الماضية وجديرون بالدعم والتمويل كما يحظى به المتقاعدون في الدول الغربية من عروض وخدمات تضمن لهم اعتبارهم في المجتمع، ونتمنى أن نرى اعتبارا خاصا لهم قريباً بتأسيس صندوق أو لجنة تدعم هذه الشريحة، وتقدم الإرشاد والدعم اللوجستي اللازم كي تساهم في الاقتصاد، حيث إنه مرتكز إلى المعرفة في الوقت الراهن.