لغز الاتصالات المتكاملة!

محيرة قضية الاتصالات المتكاملة وهي قضية تثير العديد من التساؤلات في عدة محاور قانونية ونظامية لعدة أطراف حكومية والسكوت عنها يزيد القضية تعقيدا ويترك المجال أمام الشائعات والهمس والتخيلات للعديد من الأطراف ويمس سمعة سوقنا المالي واقتصادنا الوطني الذي نفخر به دوما.
والتساؤلات تبدأ منذ بداية طرح الشركة للاكتتاب العام وتبدأ تحديدا من المصرف المتعهد بالتغطية وقبوله بما ذكر في نشرة الاكتتاب بأن الضمانات البنكية المقدمة من أحد البنوك المحلية والتي تفوق قيمتها مليار ريال والتي ''تعتبر مقدمات عينية ونقدية من المؤسسين لما ستملكه الشركة من ترخيص لاستخدام ترددات ولبناء شبكات... إلخ''، ''ثم تم تأكيد ذلك بعبارة أخرى''، ويعتبر هذا المبلغ من النفقات الرأسمالية المقدمة من المؤسسين لأغراض الشركة، وبذلك يكون المساهمون المؤسسون قد قدموا ضمانين بنكيين بمبلغ مليار ريال تقريبا بدلا من شهادات الإيداع البنكية المطلوبة بمبلغ 650 مليون ريال مقابل حصتهم في رأس المال... إلخ''، وهذا هو جوهر القضية، حيث من المعروف أن الضمانات البنكية تعتبر نوعا من أنواع التسهيلات الائتمانية مقابل تأمين نقدي عادة يراوح بين 5 و100 في المائة، ويمكن أن يكون على المكشوف حسب تقدير البنك للملاءة المالية للعميل، وفي كل الأحوال لا يعتبر بمثابة شهادة إيداع نقدي، حيث إنه بمثابة كفيل غارم في حال الامتناع عن السداد ـــ بينما شهادة الإيداع يتم إصدارها بعد إيداع المبلغ المطلوب في حساب بنكي ويتم التحفظ عليه حتى يتم إصدار سجل تجاري ــ ويعتبر البنك مصدر الضمان هو الكفيل الغارم في هذه الحالة إن امتنعت الشركة عن سداد حصتها النقدية.
ثم ماذا عن البنك مصدر الضمان، هل عندما رأى نشرة الإصدار اعترض على ما جاء فيها من معلومات تفيد بأن الضمانات التي قام بإصدارها تعتبر بمثابة شهادات الإيداع مما يعني أنه سيتم تسييل هذه الضمانات واستخدامها كحصة نقدية وهو أحد البنوك المتسلمة لحصيلة الاكتتاب!
وما موقف مؤسسة النقد العربي السعودي من هذا الموضوع وهي تشاهد ما يحدث من استخدام ضمان بنكي مصدرا للحصول على رخصة واستخدامه كوسيلة نقدية بمثابة شهادة الإيداع وهو أمر غير معتاد وينافي الغرض الأساسي من استخدام الضمان كوسيلة ضمان للسداد وليس سدادا بذاته وهو الأمر المشابه لاستخدام الشيك كوسيلة ضمان، بينما هو وسيلة سداد وهو الأمر الذي تحذر منه بشكل مستمر وزارة التجارة التي تعتبر ذلك مخالفة يعاقب عليها النظام لاستخدام الشيك في غير الغرض منه! مما ينقلنا للتساؤل المهم كيف أصدرت وزارة التجارة السجل التجاري دون وجود لشهادة الإيداع واكتفت بالضمان المصدر؟ هل تعلم بأن الضمان البنكي تم استخدامه في غير محله وأنه لا يعد بمثابة شهادة إيداع نقدي؟
وأين هيئة سوق المال من هذا كله وهي المسؤولة عن قواعد التسجيل والإدراج التي تمت الإشارة إليها في نشرة الإصدار بأنها متوافقة مع متطلبات تلك القواعد! ما كانت تعلم أن المؤسسين سيقومون بتسلم أسهم في محافظهم دون أن يدفعوا قيمتها نقدا؟
ولماذا لم تقم هيئة الاتصالات بتسييل الضمان طالما لم يتم سداد قيمة الرخصة حتى الآن والشركة تمارس أعمالها؟ هل يعتبر الضمان البنكي كافيا؟ هل قامت بطلب التسييل؟ هل رفض البنك المصدر للضمان تسييل الضمان؟ وإن فعل فهل له الحق في ذلك؟
التساؤلات خطيرة وتمس جهات تعتبر أركان الاقتصاد السعودي ولا يمكن الاستمرار بالصمت من كافة الجهات ذات العلاقة ونطالب ببيان واضح من كل جهة يوضح فيه ملابسات الموضوع، حيث إن هذه القضية ليست فقط قضية شركة الاتصالات المتكاملة وإنما قضية النظام المالي والنظام المصرفي والسوق المالية والجهات الرقابية على الاقتصاد السعودي نأمل أن يتم التعامل معها بكل شفافية ووضوح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي