هل فعلاً التمويل هو المشكلة؟!

عندما نتحدث في الملتقيات وورش العمل والحلقات العلمية عن العوائق التي تجابه أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، نجد النقاش يدور حول محور واحد، كأنه يصب في حلقة مفرغة عن التمويل ومعايير الحصول عليه. ونتجاهل بعض الإجراءات وما يتعلق بالعمالة الوافدة وثقافة التستر، حيث يأتي العامل من بلدته النائية - إن صح التعبير - بناء على توصية صديق أو قريب من أبناء جلدته للعمل في هذا المشروع كمؤجر من الباطن وبطريقة غير نظامية، وليس هذا فحسب، فالأغلب يتفق معك من البداية إما التأجير وإما البحث عن بديل، مع الأسف، كانت في السابق أشبه بالظاهرة ومع الوقت تفاقمت إلى ثقافة مجتمع بأسره.
لقد وضعت معظم صناديق الدولة التمويلية شروطا لتمويل أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة سواء كانت زراعية أو صناعية أو تقنية، وتشترط على أن يدير صاحب المنشأة أو المشروع عمله بنفسه ويبتعد عن التستر الذي يعتبر دخلا إضافيا لصاحب المشروع حتى أصبح صاحب المشروع موظفا لا مالكا للمنشأة. إن الهدف من وضع هذه اللوائح والأنظمة من صناديق الدولة ليس القصد منه تعجيز بقدر ما هو دفع لعجلة التنمية الشاملة للمشاريع الوطنية والقضاء على التستر والحفاظ على الاقتصاد الوطني، حيث اتضح في الوقت الراهن تزايد حجم التحويلات الخارجية للعمالة الوافدة، على الرغم من عدم دقة الإحصائيات ناهيك عن التحويلات غير النظامية، التي بلغت كما كشفت المؤشرات الاقتصادية (2012) 105 مليارات ريال، كل هذا يشكل خطرا كبيرا على الاقتصاد الوطني على المدى الطويل، حيث كانت في تزايد ملحوظ في السنوات العشر الماضية. لنجد بعض الأنشطة تحديداً كالمقاولات وقطاع التجزئة تظهر فيه نسبة التستر بشكل ملحوظ، وهنا التحدي الكبير في توطين هذه القطاعات والتأكد من إدارتها من صاحب المنشأة نفسه، وهنا يبرز دور وزارة العمل من خلال برنامج نطاقات.
لا شك أن الحلول كثيرة ولا يكفيها مقال ولا دراسة ولا حتى منتدى، إننا في حاجة إلى تغيير شامل للبنية التحتية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في بعض القطاعات وتقسيمها إلى قطاعات فرعية للتأكد من نسبة التستر في هذه القطاعات والحد من انتشارها، خصوصا الصناعية منها، لما فيها من فرص لشبابنا مع النهضة الصناعية التي تشهدها البلاد في الوقت الحالي، ولنأخذ المدن الصناعية المنتشرة في أرجاء وطننا الغالي أقرب مثال على ذلك. نتمنى قريبا فرض غرامات وضرائب على المنشآت المتسترة التي تشوه اقتصادنا الوطني نتيجة منافسة الوافد مع أبناء هذا البلد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي