قراري بيدي

صرح مدير مشروع الملك عبد الله لتطوير القضاء ، أنه "تم الانتهاء من الخطوات الأخيرة لاعتماد نظام البصمة في التعاملات القضائية في جميع منافذها، بحسب اتفاقية بين وزارة العدل ووزارة الداخلية، وأنه سيتم ربط نظام البصمة إلكترونياً بوزارة الداخلية لتعريف الشخص بشكل أكثر دقة وشفافية في التعاملات القضائية ، موضحاً أن هذه الخطوة تعد نقلة نوعية في القضاء السعودي ومطلباً رئيساً مع توسع الأعمال في السعودية، خاصة فيما يخص المرأة، حيث إن البصمة تجعل المرأة تؤدي معاملاتها القضائية دون الحاجة إلى معرّف لتعريفها للقاضي، كما يتم التعرُّف على هوية المرأة بكل دقة وشفافية، مع المحافظة على خصوصية المرأة وتعزيز حقوقها".
وهي خطوة تبشر بخير نحو منح المرأة أبسط حقوق التعاملات الشرعية، ولا أدري لما تذكرت على الفور وأنا أقرأ الخبر المنشور في الإقتصادية، آخر زيارةٍ لي إلى مبنى كتابة العدل بجدة لإنهاء إجراءات توكيل شرعي لإمرأة مثلي ستقوم باستلام بعض المعاملات الورقية خارج المملكة . طلبت من ابني مرافقتي وقد تغيب عن محاضراته الجامعية ليكون معي، كان ذلك قبل صلاة الظهر بنصف ساعة وتسهيلاً للانجاز فقد أحضرت نص التوكيل على فلاش جاهز . تباطأ السكرتير في البداية ولم يستلم الطلب، وأسترضاه لقبول المعاملة ، وكأنه يسترحمه ليقوم بشيء مغاير لمهام عمله التي يتقاضى من الدولة راتباً عليه ولأنها صلاة الظهر فستكون ساعة كاملة للتوقف عن العمل. لدي إحساس أظنه لديكم أن الموظف المسكين لابد وأن يقوم في هذه الساعة بتسيير خط البلدة لاحضار ابنائه وبناته من مدارسهم. و أنا بشحمي ولحمي أقف مع إبني في انتظار حضور سعادته لقبول معاملتي ورفعها للكاتب لانهائها! عليه فقد طلب سكرتير الكاتب من ابني أن يحضر معرفاَ عني ! وهو أمر عجيب غريب، البطاقة في يده وصورتي فيها وأنا أمامه بحجابي ويرى وجهي، فلماذا بالله عليكم هذا المعرّف ؟ ويريد اثنين من الرجال؟ فما كان من ولدي إلا أن خرج من المبنى وأصبح يستعطف الآخرين ، وحاولت مع نساء أحدهم لتكلم أخيها أو زوجها ليتكرم ويقوم بتعريفي ، هل ترون معي حجم المأساة ؟ أن وزارة العدل تشجع المرأة على التذلل والتوسل لرجل غريب حتى يشهد بأنها جارته أو ابنة خالته (ما أسميه شهادة زور مصادق عليها) بالرغم من حوزتها ما يثبت أنها فلانة الفلانية من الدولة .
لذا أجد أن تطبيق نظام البصمة قد يحل معضلّة لمن يغطين وجوههن منعاً للتحايل وانتحال شخصية إمرأة أخرى، عليه فقد حان الوقت يا وزارة العدل للاهتمام بشؤون المرأة لتستكمل اجراءاتها كمواطنة كاملة الأهلية ، لابد من توظيف سيدات يتحققن من شخصية المرأة وفق يطاقتها إن كانت ممن تغطي وجهها، ويكتفى ببطاقة الهوية مادامت بشحمها ولحمها تقف أمام كاتب العدل أو القاضي. وأضيف إلى ذلك ما أراه مهيناً عندما لا يهتم المسؤول بأماكن انتظار السيدات في هذه المباني، فترى المقاعد مهترئة والمكان غير لائق للاستخدام الآدمي . فإلى متى يا وزارة العدل ؟ ومن هو المسؤول عن الصيانة وتسيير شؤون المباني والدولة تدفع الملايين ؟ وهل هناك توجيهات من ولي الأمر بخطاب صريح بعدم اعتماد بطاقة الهوية الوطنية للتعريف بالمرأة في الجهات القضائية وإلزامها باحضار معرّف خارجي ؟ إن ولاية المرأة ليس في مالها أيها السادة إنما في أمور الزواج ، فلماذا المعرّف ؟ ولماذا خارجي إن لم يكن أباها أو زوجها أو أخاها !
إن جهل المرأة بكل ما هو حق لها ليس هو بالكامل ذنب الرجال ، وتوهمها بأن السكوت والقبول بما يعدّ عٌرفاً وجرت عليه العادة، سيساهم في تصحيح الأوضاع واصلاح أحوال القطاعات الحكومية التي تحتاج المرأة إلى خدماتها. ونظام البصمة قد يساهم في حلّ جزء من مشكلة المعّرف إلى أن يتم إلغاؤه. إلى سيدي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية نايف بن عبد العزيز آل سعود، نريد قراراً نافذاً بعينكم البصيرة ، ييسر للمرأة استكمال اجراءاتها ويحفظ لها كرامتها ويعزز من جودة الخدمة المقدمة في مرافق القضاء . قرارك بيدك أيتها المرأة المهم أن تكوني أهلاً لذلك .

تحيتي لكل إمرأة تحاول تغيير واقعها إلى الأفضل دون أن تتخلى عن مبادئها الأصيلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي