ملتقى سعودي يشخص معوقات المنشآت الصغيرة والمتوسطة

نظمت مجموعة الاقتصاد والأعمال بالتعاون مع وزارة المالية والصندوق السعودي للتسليف والادخار، ومشاركة وزارة التجارة والصناعة ووزارة العمل، ''الملتقى السعودي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة'' خلال الفترة من السابع إلى الثامن من شباط (فبراير) 2012.
استهدف الملتقى بحضور أكثر من 500 شخصية اقتصادية و30 متحدثا (حكوميين ورجال أعمال)، استعراض أبرز وأهم المعوقات التي تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة، وتحد من نموها وقدرتها على التوسع في مساهمتها في الاقتصاد الوطني والناتج المحلي الإجمالي للمملكة، حيث لا تزال مساهمتها محدودة للغاية مقارنة بمساهمتها في الدول المتقدمة، إذ تشير المعلومات إلى أن نسبة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، تراوح بين 20 و25 في المائة، في حين أنها تسهم في الناتج المحلي في دول أخرى بنسب تراوح بين 50 و90 في المائة، حيث على سبيل المثال في الولايات المتحدة يشكل عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة أكثر من 90 في المائة من إجمالي عدد الشركات في أمريكا، والتي يتجاوز عددها 13 مليون شركة، كما أنها مسؤولة مسؤولية مباشرة عن توظيف أكثر من 80 في المائة من أعداد العمالة في السوق الأمريكية، وتخلق قيمة مضافة للاقتصاد الأمريكي تتجاوز أربعة أضعاف قيمة استثماراتها.
هذه المساهمة المتواضعة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، عزاها عدد من الاقتصاديين المحليين في المملكة، إلى ضخامة القطاع النفطي والقطاع العام، اللذين لا يزالان يسيطران على مجريات الاقتصاد السعودي، ويمثلان المحرك الرئيس للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، في حين أن البعض الآخر، عزا ضعف تلك المساهمة، إلى غياب التشريعات، التي تنظم عمل ذلك النوع من المنشآت وكذلك إلى عدم وجود مرجعية أو مظلة نظامية وقانونية وتشريعية في المملكة، تشرف على عمل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتعمل على تطوير أدائها العام، الأمر الذي فاقم من حجم المشكلة، وقلل من مساهمتها الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، على الرغم من أن خطة التنمية التاسعة للمملكة، قد أولت اهتماماً خاصاً لنمو المنشـآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة، حيث ركز الهدف الثالث عشر للخطة على استحداث الأطر المناسب الذي يعمل على رعاية وتنظيم المنشآت الصغيرة والمتوسطة ويعزز من مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي.
انطلاقا من التحديات والمعوقات التي تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة، ركزت أوراق العمل التي قدمت بالملتقى على تشخيص تلك المعوقات واقتراح الحلول المناسبة للتعامل معها، التي من بينها على سبيل المثال، ضرورة تطوير البيئة الملائمة لنموها، بما في ذلك توفير قنوات تمويل مبتكرة، تعمل على تلبية احتياجات المنشآت الصغيرة والمتوسطة التمويلية، بالشكل الذي يمكنها من التوسع في أنشطتها والتعزيز من مساهمتها في الاقتصاد الوطني.
من بين الحلول أيضاً التي طرحتها أوراق العمل المطالبة بتعزيز ثقافة العمل الحر لدى أفراد المجتمع، وتشجيع الشباب السعودي على الانخراط في الأعمال المهنية والتقنية والفنية والحرفية، ولا سيما أن معظم الأعمال والوظائف، التي تتطلبها المنشآت الصغيرة والمتوسطة، هي بطبيعتها أعمال مهنية وحرفية. من بين الحلول كذلك ضرورة إيجاد آلية تنسق بين الجهود التي تبذلها الجهات المختلفة بالقطاع الخاص والعام للارتقاء بأداء المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ولا سيما أن هناك أكثر من 60 جهة حكومية وخاصة تعنى بالاهتمام بقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي فإن مثل ذلك التنسيق سيعمل على توحيد الجهود وتكاملها، ويقضي على الازدواجية والتكرار والضياع والتشتت.
من بين الحلول أيضاً، ضرورة بناء قاعدة معلومات قوية ودقيقة عن المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بما في ذلك الاتفاق على تعريف محدد لذلك النوع من المنشآت، حيث إن التباين الواضح والكبير في التعريف، أحدث نوعاً من التشويش حول طبيعة ونوعية تلك المنشآت، وأسهم كذلك في انتزاع هويتها من قطاع المال والأعمال السعودي.
خلاصة القول، إن للمنشآت الصغيرة والمتوسطة أهمية اقتصادية كبرى بالنسبة لاقتصادات دول العالم، بما في ذلك الاقتصاد الوطني، وذلك لمساهمتها الفاعلة في خلق الوظائف الجديدة، واستيعاب أكبر عدد ممكن من العمالة في السوق، كما أنها مسؤولة مسؤولية مباشرة عن إحداث قيمة مضافة للاقتصاد تقدر ببعض الدول بأكثر من أربعة أضعاف استثماراتها المباشرة وغير المباشرة.
من هذا المنطلق وتبعاً لتلك الأهمية الاقتصادية، ركز الملتقى السعودي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، الذي عقد في مدينة الرياض خلال يومي السابع والثامن من شباط (فبراير) الجاري، على أهمية الارتقاء بأداء المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة، بهدف التعزيز من مساهمتها الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، ومضاعفة قدرتها على توظيف المواطنين السعوديين، الأمر الذي يتطلب توحيد المرجعية التشريعية والقانونية والتنظيمية، ولا سيما في ظل تعدد المرجعيات، التي تتبع إليها المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة.
إن توحيد الجهود وتكاملها سيمكن القائمين على إدارة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة من إدارة هذا القطاع بالشكل الذي يمكنه من تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة وبالذات فيما يتعلق بتوطين الوظائف وخلق واستحداث وظائف جديدة في الاقتصاد، وتعزيز القيمة المضافة للناتج الإجمالي المحلي للمملكة، والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي