جهود توعية مصرفية لوزارة الداخلية تستحق الإشادة
حذرت وزارة الداخلية المواطنين والمقيمين في بيان صدر عنها، من اتصالات ترد من مجهولين بدعوى تحديث البيانات المصرفية واستدراجهم للإفصاح عن أرقامهم السرية مدعين أنهم من موظفي البنوك، وآخرين يوهمون من يتصلون بهم بجوائز مالية.
يأتي تحذير وزارة الداخلية من هذه الاتصالات، نتيجة لتصاعد وتيرتها خلال الفترة الأخيرة وملاحظة ازدياد عدد البلاغات الواردة من المواطنين والمقيمين، التي تفيد بتلقيهم لمثل هذه الاتصالات المشبوهة.
تكمن مشكلة هذه الاتصالات في كونها تنطوي على أساليب خداع واحتيال متعددة، من بين أهمها وأبرزها، طلب المحتال من العميل (الضحية) الإفشاء عن بياناته البنكية ومعلوماته الشخصية، بحجة تحديث البيانات، تفادياً لتعرض حسابه البنكي للتجميد، مما يثير القلق والذعر لدى العميل، الذي يقوم طواعية تحت إصرار وضغط نفسي يمارسه المحتال على العميل بالإفشاء عن بياناته البنكية ومعلوماته الشخصية، ومن ثم يقوم المحتال باستخدامها في تنفيذ عمليات مصرفية بصورة غير مشروعة وغير نظامية على حساب العميل.
على الرغم من قيام مؤسسة النقد العربي السعودي ''ساما''، والبنوك السعودية وفق ما أشار إلى ذلك بيان وزارة الداخلية، بتوعية عملاء البنوك في ذلك الجانب من أنواع الاحتيال، إلا أن مثل هذه العمليات الاحتيالية آخذ في الازدياد، مما تسبب في وقوع ضحايا لهذا النوع من عمليات النصب والاحتيال.
وبهدف تجنيب وقوع عملاء البنوك ضحايا لمثل تلك الاتصالات المشبوهة، قامت البنوك السعودية بجهود مشتركة من خلال لجنة الإعلام والتوعية المصرفية، بتوعية أفراد المجتمع كافة، بما في ذلك عملاء البنوك بأساليب وأنواع عمليات الاحتيال والنصب المالي والمصرفي المختلفة، بما في ذلك سبل الوقاية منها، من خلال إطلاقها لعدد من حملات التوعية، التي استهدف جميعها تعزيز الوعي المصرفي لدى أفراد المجتمع كافة، وبالذات لدى عملاء البنوك، بأهمية وضرورة المحافظة على سرية البيانات البنكية والمعلومات الشخصية، وتجنيبها من أن تكون عرضة للاستغلال والاستخدام غير النظامي وغير المشروع من قبل المحتالين والنصابين. كما أكدت البنوك السعودية من خلال وسائل الإعلام المحلية في أكثر من مناسبة على أن الوسيلة الوحيدة لتحديث البيانات البنكية والمعلومات الشخصية، هي من خلال شبكة الفروع التابعة للبنوك، مؤكدة في ذلك أن عملية تحديث البيانات البنكية لا تتم بشكل يومي وإنما تتم بشكل دوري وعلى فترات في حالة انتهاء صلاحية الوثائق الرسمية الخاصة بصاحب الحساب، مثل مستندات الهوية الأصلية للمواطنين السعوديين وغير السعوديين المقيمين في المملكة. كما أصدرت مؤسسة النقد العربي السعودي ''ساما'' في عام 1429هـ قواعد (الإصدار الثالث) تحكم فتح الحسابات البنكية والقواعد العامة لتشغيلها في البنوك التجارية العاملة في السعودية، والتي تنظم العلاقة بين البنوك وعملائها فيما يتعلق بالتحديد بفتح الحسابات البنكية للأشخاص الطبيعيين والاعتباريين، بما في ذلك القواعد والضوابط، التي تحكم تحديث بيانات الحسابات البنكية، والمعايير المرتبطة بمبدأ أعرف عميلك Know Your Customer - KYC التي تضمن فعالية تطبيق المعايير الأخلاقية والقواعد المهنية المرتبطة بفتح وتشغيل الحسابات البنكية.
جدير بالذكر، أن لدى وزارة الداخلية وحدة تسمى بوحدة التحريات المالية، والتي تتلخص مهامها الأساسية في تلقي البلاغات عن المعاملات المالية المشبوهة وتحليلها وإعداد التقارير عنها وإحالتها للجهات المختصة، ومن ثم حفظها بقاعدة البيانات. كما تقوم الوحدة بتبادل المعلومات مع الجهات ذات العلاقة داخل المملكة وخارجها بهدف مكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
خلاصة القول، إن وزارة الداخلية تبذل جهودا كبيرة في مجال التحذير وتوعية أفراد المجتمع من العمليات المالية المشبوهة، والعمليات التي تنفذها مجموعة من المحتالين والنصابين ويستهدفون من خلالها الإيقاع بضحاياهم من عملاء البنوك وغيرهم في عمليات احتيالية، تستهدف في المقام الأول النصب عليهم وسرقة أموالهم، بما في ذلك استخدام بياناتهم البنكية ومعلوماتهم الشخصية في تنفيذ عمليات مصرفية ومالية غير نظامية وغير مشروعة.
إن تفادي الوقوع في مثل تلك العمليات المشبوهة، يتطلب اتخاذ الحيطة والحذر من قبل عملاء البنوك عند إنجازهم لتعاملاتهم المصرفية، وبالذات فيما يتعلق بتحديث البيانات البنكية والمعلومات الشخصية الخاصة بحساباتهم البنكية، وذلك بعدم إفشائها أو الإدلاء بها لأي كائن كان، وتحت أية ظروف بحجة تحديثها، ولا سيما أن الأنظمة التي تحكم تعاملات البنوك العاملة في المملكة، أكدت أن تحديث البيانات البنكية والمعلومات الشخصية الخاصة بحسابات العملاء لا تتم إلا من خلال شبكة فروع البنوك مباشرة.
إن نجاح جهود وتحذيرات وزارة الداخلية والتي تستحق الإشادة بكل تأكيد، بما في ذلك نداءات البنوك السعودية ومؤسسة النقد العربي السعودي، وتحقيقها لأهدافها المنشودة المتمثلة في توفير الحماية المالية والمصرفية اللازمة لعملاء البنوك، وتجنيبهم الوقوع في عمليات احتيال، سيظل أمرا مرهوناً بمدى استجابة عملاء البنوك لتك التحذيرات والتنبيهات، وامتثالهم للتعليمات والإرشادات في جميع الأوقات، إضافة إلى محافظتهم على سرية المعلومات وعدم إفراط الثقة بالآخرين، وضرورة الإبلاغ فوراً عن العمليات المشبوهة التي تتم على حساباتهم، بما في ذلك تجاهل أفراد المجتمع للإعلانات والادعاءات الباطلة والمضللة، التي توهمهم بالفوز بجوائز نقدية أو عينية، وبهذا سنكفل وجود بيئة مصرفية ومالية في المملكة خالية من عمليات الاحتيال المالي والمصرفي، والله من وراء القصد.