Author

أيضًا لنتعلم من دبي (2)

|
أرجو ألا تكون هناك حساسية من هذا العنوان.. فعلينا في المملكة أن نتعلم من مشكلات الغير وحلولهم المقترحة.. ولدينا الكثير مما يمكن أن يستفيد منه إخوتنا العرب والخليجيون بالذات لتشابه الظروف الاجتماعية والمالية، وهي متوافرة لهم إن أرادوا. إن ما دفعني إلى استخدام عنوان (لنتعلم من دبي 2) هو التجاوب السريع من قيادتنا لاقتراحي المقدم في مقالتي الأولى (لنتعلم من دبي 1) المتعلق بحسابات (ضمان التطوير العقاري)، الذي أصدرته حكومة دبي، وهو نظام ينظم العلاقة بين المطور العقاري والمستثمر معه في شراء شقق أو فلل على المخططات بعدما أن مروا فيه من مآس عقارية وتهرب المطورين من مسؤولياتهم واستخدام المطورين أموال المستثمرين في غير مشاريعهم.. وتوقفت المشاريع.. حيث أصدرت حكومتنا مشكورة قرارًا مماثلاً يؤكد قيام كل مطور عقاري بفتح حساب خاص لكل مشروع، وتودع فيه كل مدفوعات المستثمرين في المشروع، وكذلك ما يدفع للمقاول من أي جهة، خاصةً إذا أخذ قروضًا باسم المشروع، كل ذلك يحول للحساب، ولا يصرف من هذا الحساب إلا بشيكات موقعة من ثلاث جهات، مندوب المالك والمحاسب القانوني وممثل للجهة الحكومية. وعندما تم إصدار هذا القرار هرب المطورون من ذوي النية السيئة ولم يبق إلا أهل الوطن وشركاتهم الجادين.. وبذلك حمينا مواطنينا والمقيمين عندنا. إن هذا التجاوب السريع شجعني على أن أقترح مجددًا إصدار نظام مشابه لما أصدرته إمارة دبي، وهو باسم (نظام حماية الأجور)، وعلى أساسه صدر (دليل المستخدم لنظام الأجور)، وهو عبارة عن إنشاء ملف الرواتب والأجور لكل العاملين المواطنين والأجانب، وهو آلية إلكترونية مبتكرة تقوم المنشآت بموجبها بدفع أجور عمالها عبر المصارف وشركات الصرافة والمؤسسات المالية المزودة للخدمة في الإمارات. وتذكر مقدمة هذا النظام أنه تم تطوير هذا النظام من قبل المصرف المركزي. إن ظاهرة عدم دفع الرواتب وحقوق العمالة ظاهرة متفشية ـــ مع الأسف ـــ في مجتمعنا، كما كانت في الإمارات، ما يسبب نزاعات وإشغال أجهزة الدولة القضائية والأمنية بمشكلات عدة، وكذلك تؤدي هذه الظاهرة إلى إعطاء صورة سيئة عن بلدنا وشعبنا، وكذلك يشتكي الجميع من ظاهرة هروب العمالة.. وقناعتي أن إصدار مثل هذا النظام في المملكة له مزايا عديدة، منها: إن هذا النظام يعطي الوزارة الصورة الحقيقية لوضع العمالة في الوطن في مختلف قطاعات الأنشطة، وكذلك تستفيد من هذا النظام العمالة، خاصة الأجنبية، كحماية لهم لضمان حقوقهم، خاصةً أن أغلبهم يتخوف من الشكاوى لدى الوزارة عن عدم تسلم حقوقهم شهريًا بتهديد الترحيل من قبل الكفلاء.. فحماية العمالة أهم أهداف الأنظمة الإنسانية في بلدنا، التي ضمنها ديننا الحنيف وكذلك تستفيد منه الدولة لمعرفة مداخيل هذه العمالة وكم يصرف منها محليًا أو خارجيا.. ولا يغيب عن بالنا أن هذا أفضل أسلوب لوقف هروب العمالة من كفلائهم.. لأن من يوظف الهارب لن يستطيع دفع الرواتب لهم. ولا ننسى مدى فائدتها لمحاصرة التستر وغسل الأموال التي تتم من خلال الآلاف من المحال التجارية المتستر عليها.. يشتكي الجميع من أن الأنظمة لا تطبق على الجميع في بلدنا، وأن أولئك المخالفين لهم من يحميهم، وهذه حقيقة مرة في بلدنا ويجب علينا الاعتراف بها.. لكن علينا أن نضيق الخناق على المتلاعبين.. فكما جاء قرار وزارة العمل الرائع المتعلق بنطاقات، ورأينا كيف بدأت حركة توظيف السعوديين ترتفع خوفًا من الوقوع في نطاقي الأحمر والأصفر.. فكذلك هذا النظام سيضيق الخناق على المتسترين والهاربين، وكل خطوة في هذا الاتجاه ستجعل كل من يفكر في تحدي الأنظمة يجد أن الظروف أصبحت أصعب، وأمر اكتشافه وعصابته أسهل. إنني على يقين أنه وكما أن قرار (حساب الضمان العقاري) حمى جميع المواطنين والمقيمين في السعودية من تلاعب المطورين الدخلاء على السوق، سيقوم هذا النظام المقترح بالمساعدة على الالتزام بدفع أجور العمال، وكذلك سيضمن تعزيز الشفافية، ما تعطي وزارة العمل معلومات واضحة عن مدى التزام القطاع الخاص وغيره ممن يوظفون أجانب أو محليين بأنهم دفعوا الأجور في وقتها، وهذه تعطي معلومات كافية لسرعة اتخاذ إجراءات وقائية من قبل وزارة العمل عند التنازع والتدخل سريعًا قبل استفحال المشكلة وإفلاس الشركات وتهرب ملاكها عن حقوق العمالة.. وأرجو ألا يتعذر أحد بصعوبة التطبيق لأعداد العمالة الكبيرة في بلدنا وصعوبة فتح حسابات بنكية لهم، فإن برنامج حافز شجع على فتح نحو مليون حساب في البنوك، وبالإمكان تطبيق النظام المقترح لدينا على مراحل لضخامة عدد العمالة في القطاع الخاص، ولتترك في المرحلة الأولى عمالة المنازل للمرحلة القادمة، ولنبدأ بالشركات ذات الأعداد الصغيرة، التي يعمل فيها 50 أو أقل ثم 100 أو أقل، وهكذا. إذن المطلوب من وزير العمل الأخ عادل فقيه أن يعطي هذه الخطوة الأولوية.. وليجعلها مبادرة رائدة مثل مبادراته الرائعة التي أسعدت رجال الأعمال الجادين. والغرض هنا ليس التضييق على أحد، إنما تشجيع تنظيم السوق وتقليل المشكلات العمالية وتشجيع البقاء للأفضل في سوقنا.. وهذا كل ما يطلبه رجال الأعمال السعوديون الجادون والمخلصون لبلدهم؛ لأن أي فوضى في سوقنا سيتهم بها رجال الأعمال والقطاع الخاص وهم منها براء.. لذا فالتطبيق لن يضر الشركات والمؤسسات الجادة. وأنصح جميع المهتمين بأن يدخلوا على موقع وزارة العمل في الإمارات وزيارة موقع www.mol.gov.ae لمزيد من المعلومات وكل أملي أن تهتم حكومتي، خاصة وزير العمل وكذلك وزير المالية بإصدار مثل هذا النظام.. وكذلك أتوجه لزملائي في مجلس الشورى بأن يدرسوا النظام ويقدموه لحكومتي سريعًا. والله الموفق.
إنشرها