الميزانية الجديدة .. بناء الإنسان أولاً

كشفت الميزانية العامة الجديدة للعام المالي القادم 1433/1434 (2012) للمملكة العربية السعودية والتي صدرت يوم الإثنين الماضي، عن تخصيص حجم إنفاق كبير، وجه لعدد من البرامج، التي لها علاقة ومساس مباشر بتنمية الإنسان السعودي اقتصادياً واجتماعياً، باعتبار أن تنمية الإنسان تعدها الدولة وتتعامل معها على أساس أنه محور التنمية الأساسي ومرتكزها الحقيقي.
من بين برامج التنمية البشرية، التي ركز عليها إنفاق الميزانية الجديدة، قطاع التعليم والتدريب، الذي حظي كعادته بنصيب الأسد من إنفاق الميزانية، حيث قد تم تخصيص مبلغ 168,6 مليار ريال أو ما يزيد على 24 في المائة من إجمالي إنفاق الميزانية المقدر بنحو 690 مليار ريال، لاستكمال تنفيذ مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم ''تطوير'' والذي تبلغ تكلفة تنفيذه تسعة مليارات ريال. وبهدف توفير بيئة تعليمية مناسبة للبنين والبنات الدارسين في المدارس الحكومية المنتشرة في مناطق المملكة المختلفة، تم توجيه جزء كبير من الإنفاق المخصص لقطاع التعليم والتدريب، لإنشاء عدد كبير من المدارس (742) مدرسة للبنين والبنات، إضافة إلى المدارس الجاري العمل على تنفيذها حالياً والبالغ عددها (2900) مدرسة في جميع أنحاء مناطق المملكة، وقد تتضمن أيضاً المبلغ الموجه للإنفاق على المدارس، تخصيص مبلغ لتحسين وسائل وأدوات التعليم العام في المملكة، حيث على سبيل المثال، تم تخصيص مبلغ كبير لا بأس به لتأهل وتوفير وسائل السلامة لـ (2000) مبنى مدرسي للبنين والبنات، إضافة إلى إنشاء فصول دراسية جديدة، وتأثيث المدارس وتجهيزها بالوسائل التعليمية ومعامل وأجهزة الحاسب الآلي.
وفي مجال التعليم العالي تم اعتماد مبلغ 50 مليار ريال، لتشغيل الجامعة الإلكترونية واستكمال إنشاء المدن الجامعية في عدد من الجامعات السعودية، إضافة إلى اعتماد النفقات اللازمة لافتتاح أربعين كلية جديدة.
وبالنسبة لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي (المرحلة الأولى والثانية)، فسوف يستمر الإنفاق عليه، إضافة إلى ضم جميع الدارسين على حسابهم الخاص لعضوية البعثة، ليصل بذلك عدد الدارسين في الخارج إلى أكثر من 120 ألف طالب وطالبة ومرافقيهم البالغ عددهم أكثر من 137 ألف مرافق، وتبعاً لذلك يتوقع أن يصل حجم الإنفاق على الدارسين في الخارج في نهاية العام الحالي إلى ما يقارب 20 مليار ريال.
وفي مجال التدريب التقني والمهني، قد تم اعتماد تكاليف إنشاء كليات ومعاهد جديدة تبلغ قيمتها التقديرية 1,064 مليون ريال، إضافة إلى افتتاح وتشغيل عدد من المعاهد المهنية والمعاهد العليا للبنات لزيادة الطاقة الاستيعابية للكليات والمعاهد التابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني.
وفي مجال التنمية الاجتماعية، قد تضمنت الميزانية عدداً كبيراً من المشاريع الجديدة المتعلقة بإنشاء دور للرعاية والملاحظة الاجتماعية والتأهيل، بما في ذلك دعم إمكانات وزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية لتحقيق أهداف التنمية الاجتماعية، إضافة إلى دعم برامج الفقر والصندوق الخيري الوطني، بهدف اختصار الإطار الزمني للقضاء على الفقر في المملكة، إذ يصل إجمالي ما تم صرفه على برامج معالجة الفقر والمخصصات السنوية المتعلقة بالأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة والضمان الاجتماعي خلال العام المالي الحالي (2011) إلى نحو 25,3 مليار ريال.
ويساند برامج تنمية الإنسان السعودي اقتصادياً واجتماعياً، عدد من البرامج التي تقوم وزارة العمل إما بتنفيذها وبالإشراف عليها، بهدف توظيف المواطنين السعوديين (من الجنسين) والقضاء على البطالة في المملكة، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، البرنامج الوطني لإعانة الباحثين عن عمل ''حافز'' الذي يهدف إلى مساعدة الباحثين الجادين عن فرصة عمل للحصول عليها في أقرب وأسرع وقت ممكن. ويدعم هذا البرنامج الوطني الطموح، عدد كبير من البرامج، التي يتم من خلالها توفير فرص التدريب والتأهيل اللازم للعمل في السوق، من خلال ما يعرف ببرنامج ''طاقات''. ويتوقع لبرنامج ''حافز'' والبرامج المساندة، أن تكلف الدولة في السنة الأولى من التطبيق ما يقارب 36 مليار ريال، مما سيسهم - بإذن الله تعالي - في القضاء على البطالة في المملكة خلال السنوات القليلة المقبلة.
وساند أيضاً برامج تنمية العنصر البشري في السعودية، تجنيب مبلغ 250 مليار ريال من فائض إيرادات ميزانية العام الجاري (2011) إلى حساب في مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) لتخصيصه لتمويل بناء 500 ألف وحدة سكنية، وذلك بناءً على الأمر الملكي الكريم رقم (أ/63) وتاريخ 13/4/1432.
خلاصة القول، أن الجزء الأكبر من إنفاق الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد (2012)، قد تم توجيهه لبناء الإنسان السعودي، من خلال تخصيص مبالغ كبيرة لدعم العملية التعليمية بمراحلها المختلفة (التعليم العام والجامعي) بما في ذلك بناء الكليات ومراكز التدريب الخاصة بالتعليم التقني والمهني، حيث قد تجاوز حجم الإنفاق المقدر في الميزانية الجديدة على تلك الأوجه مبلغ 168 مليار ريال، كما ساند هذا الإنفاق الكبير، دعم برامج التنمية الاجتماعية، والتي من بينها الصندوق الخيري الوطني الذي خصص لمعالجة الفقر في المملكة.
ويتوقع لهذا الدعم السخي الكبير لبرامج التعليم في المملكة بما في ذلك برامج التدريب والتأهيل لسوق العمل، أن تعمل جميعها في مصلحة المواطن وأن تحقق له الحياة الكريمة، التي ينشدها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – حفظه الله - لجميع المواطنين في المملكة، والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي