الوقود الحيوي أكثر تلويثا للبيئة من النفط (1 من 2)

معظم دول العالم المستهلكة للنفط تبحث اليوم عن بدائل للنفط من أجل تنويع مزيج الوقود المستخدم في مجال النقل والمواصلات، زيادة أمن الإمدادات وتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة. أحد الجوانب المقترحة لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة وتحقيق باقي الأهداف هو التوسع في إنتاج الوقود الحيوي كبديل للبنزين ووقود الديزل في مجال النقل. على مدى السنوات العديدة الماضية تم الترويج للوقود الحيوي في الولايات المتحدة وأوروبا باعتباره وسيلة لمعالجة المخاوف المتعلقة بتغير المناخ، وفي الوقت نفسه الاستجابة لهاجس أمن إمدادات الطاقة، وفي البرازيل لدعم اقتصاديات المناطق الريفية. في الوقت الحاضر، غالبية الجيل الأول من الإيثانول ينتج من الذرة وقصب السكر.
لكن لا تزال هناك شكوك كبيرة حول تأثيرات الوقود الحيوي على نوعية الهواء والمناخ. الإيثانول من قصب السكر هو احد أنواع الوقود الحيوي الأكثر استخداما على نطاق واسع، وتعتبر البرازيل أكبر منتج لهذا النوع. إن الفوائد البيئية للوقود الحيوي تعتمد على أماكن إنتاجها وعلى المواد الأولية المستخدمة في الإنتاج، وإن تقديرات خفض انبعاثات الغازات الدفيئة من الوقود الحيوي تفترض أن الوقود الحيوي ينتج من المحاصيل المزروعة في الأراضي المنتجة حاليا فقط.
لسنوات طويلة تم الترويج للإيثانول من قصب السكر على أنه أكثر أنواع الوقود الحيوي الصديقة للبيئة في العالم. على هذا الأساس تم وضع سياسات في معظم دول العالم تعطي الأفضلية للإيثانول المنتج من قصب السكر على الإيثانول المنتج من الذرة لكونه أكثر صديق للبيئة. على سبيل المثال، قامت الولايات المتحدة بتصدير الإيثانول المنتج محليا من الذرة إلى البرازيل في الوقت ذاته قامت باستيراد الإيثانول المنتج من قصب السكر من البرازيل لتلبية متطلبات المزج المنخفض الكربون. لكن الدراسات الحديثة في هذا المجال توصلت إلى نتائج مخالفة عن حقيقة التأثيرات البيئية لإنتاج الإيثانول من قصب السكر. هذه الدراسات تبين أن استيراد الوقود الحيوي من قصب السكر يمكن أن يؤدي إلى مشاكل بيئية وصحية في المناطق التي ينتج فيها.
الانبعاثات الملوثة للهواء الناتجة عن إنتاج واحتراق الوقود الحيوي لها تأثيرات مهمة في البيئة وفي نوعية الهواء. على سبيل المثال، التغير في انبعاثات المركبات التي ستنجم عن التحول الواسع النطاق في الولايات المتحدة من البنزين إلى E85 (وقود يحوي مزيج من الإيثانول يصل إلى 85 في المائة مع البنزين أو مواد هيدروكاربونية أخرى) سوف يكون له عواقب صحية كبيرة، من خلال زيادة تركيز الأوزون في طبقة التروبوسفير.
إن الفوائد البيئية للوقود الحيوي تعتمد على أماكن إنتاجها وعلى المواد الأولية المستخدمة في الإنتاج، وإن تقديرات خفض انبعاثات الغازات الدفيئة من الوقود الحيوي تفترض أن الوقود الحيوي ينتج من المحاصيل المزروعة في الأراضي المنتجة حاليا فقط. هنا تجدر الإشارة إلى أن معظم التقديرات السابقة لتقييم انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة من استبدال الوقود الحيوي بدل الأنواع المختلفة للوقود الأحفوري تجاهلت الانبعاثات الناجمة عن استخدام الأراضي، فمثلا عند تخصيص أراضي الغابات لإنتاج الوقود الحيوي، فإن الكربون المخزون في الأشجار والشجيرات سيفقد مباشرة، وكذلك جزء كبير من ثاني أوكسيد الكربون المخزون في التربة. وهذه الآثار يمكن أيضا أن تحدث بصورة غير مباشرة، فعلى سبيل المثال استخدام محصول معين لإنتاج الوقود الحيوي في بلد معين قد يؤدي إلى تحويل الغابات والمراعي في أماكن أخرى لزراعة هذا المحصول. وعليه فإن الفوائد البيئية المرجوة من استخدام الوقود الحيوي ليست إيجابية دائما كما يصورها البعض.
إن الدراسات التي تقارن بين الانبعاثات الناتجة من جميع المراحل اللازمة لإنتاج الوقود من جني المحصول بالنسبة للوقود الحيوي أو التعدين بالنسبة للنفط الخام ثم التصنيع والتكرير إلى حرق الوقود في السيارة، وجدت أن مجموع انبعاثات الغازات الدفيئة في هذه المراحل من الإيثانول المصنوع من الذرة والإيثانول السليلوزي تتجاوز الانبعاثات أو مطابقة لتلك التي تنتج من الوقود الأحفوري، وبالتالي لا توجد أي فوائد بيئية من استخدام الوقود الحيوي, وذلك لكون زراعة المواد الأولية للوقود الحيوي تساعد على إزالة بعض ثاني أوكسيد الكربون من الجو، يمكن للوقود الحيوي من الناحية النظرية أن يحد من انبعاثات الغازات الدفيئة مقارنة بالوقود الأحفوري، حيث إن الدراسات الخاصة بتقييم الفوائد البيئية للوقود الحيوي التي تأخذ في الحسبان هذا العامل، الذي يطلق عليه عامل "امتصاص الكربون"، قد وجدت أن استخدام الإيثانول محل البنزين يقلل من انبعاثات الغازات الدفيئة بصورة قليلة إذا كان مصنوعا من الذرة وبصورة أكبر إذا كان مصنوعا من السليلوز أو قصب السكر. إن عامل "امتصاص الكربون" عادة كبير بما يكفي لجعل إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة من الوقود الحيوي أقل من تلك التي من الوقود الأحفوري، الذي لا يتلقى مثل هذا الدعم لأنه يأخذ الكربون من الأرض. لكن الدراسات الحديثة أثبتت أن تأثير إنتاج الإيثانول في البيئة يمكن أن يكون أكبر بكثير مما كان يعتقد سابقا، هذا ما سوف نتطرق إليه في الجزء الثاني من هذا الموضوع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي