الإعدام غير القانوني لليبيا
إن العديد يقولون إن العقيد معمر القذافي نال ما يستحقه فمن يعيش بالسيف يموت بالسيف.
لقد سمح الطاغية الليبي وبكل سرور بتعذيب أو قتل معارضيه أو أي شخص قام بإزعاجه. لذا فيبدو أن من العدل أن يموت عن طريق العنف خارج نطاق القضاء فبعد أن تمت مطاردته تم العثور عليه في أنبوب تصريف قذر، حيث تم عرضه لاحقا لذلك كجائزة مخضبة بالدماء قبل أن يتم ضربه وإطلاق الرصاص عليه من قبل الغوغاء الذين كانوا يريدون إعدامه. لقد حصل كل ذلك في مسقط رأسه في سرت. إن هذه عدالة بدائية ولكن ما الطريقة الأخرى التي يجب أن نستخدمها من أجل تطبيق العدالة على من قام بالقتل الجماعي؟
لكن هناك شيء مزعج للغاية فيما يتعلق بأي عملية إعدام خارج نطاق القانون بغض النظر عن الضحية وحتى عندما كانت الجماهير المبتهجة في سرت وطرابلس تحتفل بموت الدكتاتور، كانت الشكوك تساور آخرين بسبب الأسلوب الذي تمت به نهايته المذلة. لقد كتب المفكر الفرنسي الشعبي بيرنارد - هنري ليفي والذي قام بالترويج للثورة الليبية بجرعة قوية من حب الظهور النرجسي أن إعدام القذافي ''قد أساء إلى البعد الأخلاقي الأساسي'' لثورة الشعب.
إن من الممكن أن يجادل المرء فيما يتعلق بهذا الوصف ففي كل الثورات العنيفة فإن البعد الأخلاقي لمعارضي الدكتاتور لم يكن دائما دون عيوب. إن الثوار والذين حولوا مسقط رأس القذافي إلى ركام كانوا في بعض الحالات أشخاصا متوحشين وقساة مثلهم في ذلك مثل الرجال الذين كانوا يحاربونهم.
لكن هناك شيء آخر خاطئ في نقد ليفي. أن الحديث عن الإساءة إلى البعد الأخلاقي يعني أنه لم يفهم مغزى الموضوع فالمشكلة في العدالة البدائية والتي تأتي على شكل انتقامي ليس أنها غير أخلاقية فالعديدون منا يتفهمون المبدأ المذكور في العهد القديم ''العين بالعين والسن بالسن''. نحن نريد الأشخاص الذين جعلوا الآخرين يعانون أن يعانوا أيضا، حيث يفضل أن تكون تلك المعاناة بنفس المقدار فالعدالة دائما تقريبا تنطوي على عنصر الانتقام.
إن المشكلة في الانتقام أنه يؤدي إلى مزيد من الانتقام أي أنه يحرك دورة العنف والعنف المضاد - ثقافة الثأر، والثأر في حد ذاته هو عمل ينطوي على انعدام القانون أكثر من كونه عملا غير أخلاقي أو حتى غير عادل. إن الثأر ينتعش في مجتمعات غير ملتزمة بالقوانين التي تنطبق بشكل متساو على الجميع أو بأية قوانين رسمية على الإطلاق. إن ناموس الشرف ليست مثل حكم القانون فبينما ليس بالضرورة أن يرضي حكم القانون حس العدالة عند شخص ما فهو يوقف دورة الانتقام العنيف.
إن من المؤكد أن الديمقراطية في أثينا لم تكن تشبه كثيرا الديمقراطيات الحديثة لدينا كما أن أثينا القديمة لم تكن تشبه أيضا طرابلس اليوم وعلى الرغم من ذلك فإن مسرحية ذا يومنيديس تعطينا درسا مهما لا يزال قائما وهو أن العنف ما لم يتم ردعه من قبل القانون لن ينتهي. إن الثورات التي تولد بعد سفك الدماء تقريبا دائما ما تؤدي إلى المزيد من سفك الدماء. لقد كان هذا الكلام صحيحا قبل 2500 سنة ولا يزال صحيحا اليوم.
ربما لم تكن محاكمة القذافي لترضي الليبيين وشعورهم بالظلم ولكن كان يمكن أن تساعد على جعل الليبيين يشعرون باحترام أكبر لحكم القانون وربما ستكون لمحاكمة ابن القذافي سيف الإسلام هذا التأثير ولو صح ذلك فإن محاكمته في لاهاي ستكون أفضل خدمة يقدمها لبلاده.
خاص بـ «الاقتصادية»
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2011.