Author

لماذا الخوف من تطبيق الشريعة الإسلامية؟

|
لم يعد الغرب وحده الذي يخشى الإسلام ويحارب أي مظهر من مظاهره، بل انتقل هذا الشعور إلى طوائف عديدة من المسلمين الذين يستفزهم أي حديث أو مظهر يشير إلى الإسلام، أو يتحدث عن تطبيق الشريعة الإسلامية. تصريحات رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل في حفل إعلان تحرير ليبيا التي أشار فيها إلى اعتماد الشريعة الإسلامية مصدراً للتشريع استفزت كثيراً من الدوائر الغربية، بما فيها البرلمان الأوروبي الذي أعرب عن قلقه وتخوفه من هذه التصريحات وطالبه بإيضاح لها، بل وقالت مقررة البرلمان الأوروبي حول ليبيا أن هذا الموقف ''لا يستند إلى عملية تشريعية ديمقراطية، فدور الشريعة الإسلامية كمصدر محتمل للقانون في ليبيا يجب أن يناقش في عملية ديمقراطية أثناء وضع الدستور بدلا من أن يعلنه أي شخص كأولوية''. وأمام هذه الهجمة الغربية سارع مصطفى عبد الجليل إلى طمأنة القلقين بأن تصريحاته لا تعني تعديل أو إلغاء أي قانون، وأن بلاده ترتكز على الوسطية لا التطرف في قوانينها. تصريحات رئيس المجلس الانتقالي الليبي لم تثر الدوائر الغربية فحسب بل أثارت كثيرين في عالمنا العربي، الذين انتقدوا هذه التصريحات، كما انتقدوا فوز حركة النهضة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي بتونس، واعتبروا ذلك انتكاسة، رغم أن الفوز جاء في عملية ديمقراطية، وعلى المقاييس الغربية، وهذا يبين مدى التوجس من أية تحولات تحدث في عالمنا العربي، وترتبط بالإسلام. والغريب أن منتقدي تصريحات رئيس المجلس الانتقالي لم يثرهم ما قام به معمر القذافي طوال أربعة عقود من محاولة عزل الشعب الليبي المسلم عن دينه وتاريخه عبر عديد من القوانين الغريبة التي تقصي الإسلام من الحياة العامة، وعبر فرض الكتاب الأخضر، وهي أمور رغم قسوتها، لم تبعد الشعب الليبي عن دينه، فكانت تكبيراته وسجوده واضحة للعيان في كل مكان يتم تحريره. وفي تونس المجاورة كان السبب الرئيس في فوز حركة النهضة ما عاناه المواطنون التونسيون من تضييق على الحريات الدينية طوال نصف قرن، وإصدار قوانين للأحوال الشخصية تتنافى مع الدين الإسلامي، وحين زالت السلطة سارع الناس إلى العودة لدينهم وممارسة شعائره، وصوتوا لمن يعتقدون أنه سيعيد لهم هويتهم التي غيبت لسنوات. محاولات تغريب المجتمعات الإسلامية لم يخدم إلا الأحزاب التي ترفع شعار الإسلام، وتمسك الإنسان بتعاليم الدين وممارسته شعائره أمرٌ يجب ألا يخيف الغرب، فهذا الأمر لا يتنافى مع المجتمع المدني، ولا مع حقوق الإنسان، طالما أن هذه الممارسة بعيدة عن الغلو أو العنف أو الإقصاء.
إنشرها