أي إسلام في دولة إيران الإسلامية؟!

قرأت خبراً غريباً صدر من محكمة إيرانية مفاده السجن لمدة 162 سنة!! بحق 56 إيرانياً من أهل السنة، وهم من مدن أذربيجان الغربية، وكردستان الإيرانية، وكان بعضهم قد أضرب عن الطعام لسوء معاملة السجانين، وللمعلومية فإن نسبة المسلمين السنة في إيران أقل التقديرات تجعلهم بين 25 و30 في المائة، ويصل تعدادهم في طهران وحدها إلى مليون شخص، ولكن لم تسمح الحكومة الطائفية التي خدعت المسلمين في أقطار العالم بحماستها للإسلام، بفتح مسجد واحد للسنة في طهران، أما أن يكون لهم وزير أو سفير أو أن يعطى أحدهم منصبا قياديا في الدولة أو أي مركز حساس، فهذا من الخطوط الحمراء المحرمة.
فأي دولة إسلامية هذه؟! إن من أهم الأصول التي جاء بها الإسلام قبل أكثر من 1400 سنة، هو احترام المعتقد سواء على المستوى الفردي أو الجماعي وعدم استعباد الناس وإهانتهم، وهو ما أقرته الدساتير العالمية الحديثة، ففي الفقرة 1 و19 من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية وكذلك المادة 18 من الدستور العالمي لحقوق الإنسان: تنص على ألا يضايق أحد أو يتم التعرض له على أساس معتقده. فلكل شخص الحق في حرية التعبير عن رأيه، كما أن للفرد أو الجماعة حرية التعبير أو المعتقد وحريتهم في مجال التعليمات الدينية والعبادية وطقوسها والاحتفال بهما على المستوى الفردي والجماعي.
أين المنظمات الحقوقية عن ما يجري في إيران؟ فقصة احتلال عربستان 1925م وحرمان أهلها من التعلم بلغتهم وفرض اللغة الفارسية ومحاربة تعليم لغة القرآن، والأهم من ذلك أن منطقة الأحواز الغنية بالنفط لا توجد فيها تنمية من أي نوع، بل إن أهلها الأصليين محرومين من السكن اللائق، كما أن الوظائف الحكومية مخصصة للعنصر الفارسي المهجر لأراضي الأحوازيين، حيث يسكنون في كانتونات ومستوطنات خاصة بهم، تشبه التي أقامها اليهود في فلسطين التي كانت في جنوب إفريقيا أيام الفصل العنصري للحكومة البيضاء. كانت حالة العرب في إيران سيئة خلال عهد الشاه الغابر، ولكنها ازدادت سوءاً خلال ما يسمى بدولة إيران الإسلامية، مع العلم أنهم أول من ساهم في إنجاح الثورة الإيرانية، بتعطيل إنتاج النفط وتصديره، ولكن كانت المكافأة لهم مزيد من العقوبات الاقتصادية والتمييز العنصري والفكري. فسؤالي لماذا لم نسمع لهؤلاء البواكي؟!
الأدهى من ذلك والأمر، أن سياسة القمع الديني والعرقي الذي تمارسه حكومة ولي الفقيه، تعانيها جميع الطوائف والأعراق الإيرانية، بل هو سبب الانحطاط الاقتصادي والأخلاقي في إيران، ويحاولون تصديره عن طريق بعض المغرر بهم إلى الدول المجاورة والمجتمعات الإسلامية المستقرة. فسيطرة إيران على العراق والقضاء على عروبته بمساعدة قوات التحالف، تجربة مليئة بالوحشية وصنوف الممارسات الإجرامية، وتحتاج إلى وقفة عربية صادقة لحماية الشعوب العربية من سموم تلك الدولة البائسة. فكم هو محزن أن تحولت المناطق الزراعية في العراق بعد الاحتلال المزدوج وبمساعدة الإيرانيين إلى مزارع للحشيش والمخدرات!!
في ظل جهل المنظمات الحقوقية العالمية، ونفاق بعض الدول الغربية، لا بد من وجود سياسة عربية واضحة المعالم لإيقاف المد الفارسي، يكون من أهم أهدافها الدفاع عن حقوق الأعراق غير الفارسية في إيران في جميع المحافل العالمية والتعريف بمعاناتهم ومشاكلهم بكل شفافية. وكذلك تجفيف منابع الخلايا النائمة ذات الولاءات الإيرانية في المنطقة وذلك بفضح نيات دولة الملالي وأهدافهم العنصرية المعادية للعروبة والإسلام، وهذا يحتاج إلى وجود المزيد من القنوات الحوارية الهادئة، أما بالنسبة لدول الخليج العربي فخير وسيلة للوقاية من خطر الفرس هو وجود فيدرالية، أو كونفدرالية بين شعوب ودول المنطقة وتفعيل دور مجلس التعاون العربي ففي بنوده ما يجعل كونفدرالية دول الخليج أشبه ما يكون بالدولة العظمى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي