النفايات البيئية بين المخاطر الصحية وإعادة التدوير (1)

إن توافر أنواع مختلفة من النفايات في الدول والمنظومات الصناعية كمواد تحتفظ بخطورتها على الرغم من كونها مخلفات وناتجا لبعض المواد الصناعية الخطرة كان وما زال هاجس المنظمات والهيئات المختصة بمتابعة سلامة البيئة، خصوصا عملية تصدير النفايات الإلكترونية والكهربائية بين الدول الصناعية وبيعها بدلاً من معالجتها، مع ملاحظة أن بعض هذه المنظومات الصناعية تتجنب مصطلح ''النفايات'' وتستبدله بمصطلح ''مواد محولة''، وتبلغ تكلفة معالجة طن واحد من النفايات الخطيرة تقريبا 500 دولار، بينما تكلفة التصدير الفعلية للطن هي تقريبا 80 دولارا، لذا فإن معالجة النفايات الخطيرة والملوثة بطريقة سليمة تشكل تحديا كبيرا في مجال سلامة البيئة وصحة المجتمع.
يمكن تعريف عملية تدوير النفايات البيئية بأنها ''مجموعة عمليات مترابطة تبدأ بتجميع المواد التي يمكن تدويرها ومن ثم فرزها حسب أنواعها لتصبح مواد خام صالحة للتصنيع، ومن ثم يتم تحويلها إلى منتجات قابلة للاستخدام، ويمكن تلخيص أهم الفوائد البيئية والاقتصادية لتدوير النفايات في التقليل من تلوث البيئة نتيجة التخلص من النفايات عن طريق الدفن أو الحرق، المحافظة على المواد الطبيعية، تقليل الاعتماد على استيراد المواد الأولية، توفير مشاريع صناعية جديدة، توفير فرص وظيفية جديدة، وكذلك تخفيض ميزانية عقود ومشاريع النظافة، إيجاد فرص استثمارية بسبب توافر المواد الخام، كذلك إحلال بعض المنتجات البديلة، إضافة إلى المحافظة على البيئة من تلوث الهواء والماء والتربة والتخفيف من معاناة مخاطر الصحة البيئة للفرد والمجتمع.‏
الدفن الصحي للنفايات طريقة هندسية للتخلص من هذه المخلفات في الأرض بحيث لا تسمح بتلوث البيئة، وذلك من خلال دفنها في الأرض فترة محدودة حتى يتم تحللها إلى موادها الأولية وتصبح بعد ذلك غير خطرة، بحيث يراعى عزل الأرض المستخدمة عن البيئة المحيطة بها لمنع تسرب المخلفات من الوصول إلى المناطق المحيطة، وسيتم الاستدلال بنوع مهم وهو ''النفايات الكيماوية''، حيث إن طبيعة ونوعية المواد الكيماوية المستخدمة ومخاطرها تتطلب تعريفاً لأنواع وحالات مخاطر هذه المواد، فالمواد السائلة مثل المحاليل العضوية، الأحماض، الدهانات، المنظفات السائلة، والمبيدات السائلة يمكن التعرض لها من خلال امتصاص الجلد لها أو عن طريق البلع أو الحقن، أما المواد الصلبة مثل مساحيق وغبار بعض المبيدات، مساحيق وغبار الأسمنت والأسبستوس فتدخل للجسم عن طريق الأنف أو الفم، بينما المواد الغازية مثل الأبخرة والأدخنة والغازات المعدنية الناتجة عن التبخر، الاحتراق، اللحام والتخزين فتدخل للجسم عن طريق الأنف، ويمكن فهم المخاطر الصحية لهذه النفايات الكيماوية من خلال تصنيفها على النحو التالي:
1 - المواد المهيجة وتتميز هذه المجموعة بتأثير موضوعي على العين، الجلد، والجهاز التنفسي ومن أمثلة هذه المهيجات على الجهاز التنفسي الفلور، النشادر، الكلور، البروم، أكسيد الكبريت، الفوسجين وثاني أكسيد الأزوت، ومن أمثلة هذه المهيجات على الجلد الأحماض والقلويات.
2 - المواد المحسسة مثل القطران، النفتالين، الإثيلين، حيث تحدث هذه المواد تفاعلا تحسسياً يتمثل في التهاب الجلد ومشكلات تنفسية.
3 - المواد المثبطة مثل بعض المذيبات العضوية والمركبات الكيماوية المخدرة، حيث تؤثر هذه المواد في الجهاز العصبي المركزي.
4 - المواد الخانقة وهي مواد ليست سامة في حد ذاتها، لكن عند ارتفاع تركيزها مثل سيانيد الهيدروجين يؤدي ذلك إلى خفض نسبة الأكسجين والتأثير في الجهاز التنفسي.
5 - المواد المسرطنة مثل البنزول، الأسبست والأمينات العطرية، حيث إن طول فترة التعرض لها يتسبب في احتمالية حدوث بعض الأعراض السرطانية على الجسم.
6 - المواد ذات السمية الجهازية، وهي مواد تهاجم الأعضاء أو الأجهزة الحيوية للجسم في بعض الأحيان مثل مواد الرصاص، البنزول، الزئبق، الكروم، النيكل، الفينول، رابع كلور الكربون، والكادميوم.
7 - المواد المطفرة، وهي مواد تشابه المواد المسرطنة وتؤدي إلى تغيرات جينية في الصبغيات وأمراض وراثية.
8 - المواد المؤثرة في الصحة النفسية مثل الزئبق، ثاني كبريت الكربون ومذيب ستودارد، حيث تتسبب في تبدلات حيوية تصيب الجهاز العصبي المركزي وتؤثر إجمالاً في الحالة النفسية والعقلية.
إن الحصول على مصادر الطاقة النظيفة من إعادة تدوير النفايات البيئية، التي تعتمد كمية ونوعية الطاقة الناتجة منها على نسبة الرطوبة ومعدل الطاقة الحرارية المتوافرة في النفايات هو - هدف استرتيجي واقتصادي مهم - يتزامن مع التوجه الجاد للمملكة المواكب للتسارع العالمي والتقني في البحث عن تطبيقات جديدة للطاقة البديلة.
(يتبع)

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي