الشك والريبة مرة أخرى!

لا جديد يذكر مع انطلاقة دوري زين السعودي للمحترفين سوى المشاكل المتتابعة التي حدثت في أول جولتين، والتي خطفت الأضواء كالعادة من الأندية وإبداعاتها على المستطيل الأخضر.. هذه الأزمات المتجددة تقودنا إلى حقيقة مهمة يجب أن نعترف بها بعيدا عن المكابرة والعناد ألا وهي عدم توافر مقومات ومتطلبات وتنظيمات ولوائح البيئة الكروية الاحترافية لدينا، فهناك ملاعب غير جاهزة لاستقبال الجماهير، وقوارير المياه باتت قضية مؤرقة، واللجنة السعودية للكشف عن المنشطات لم تبدأ عملها بعد، وأبدت تذمرها من هيئة دوري المحترفين لعدم ردها على بعض المخاطبات الرسمية بشأن بعض المتطلبات المادية والتنظيمية، أما هيئة دوري المحترفين فقد كانت ردودها غير منطقية، ومن يصدق أن هيئة معنية بالاحتراف ويفترض أن تضم كوادر مؤهلة، وأن تدار بكل مهنية عالية، ومع ذلك لا ترد على مخاطبات وردتها، معللة ذلك بأنها كانت مشغولة بالوفد الآسيوي الذي يزور المملكة، للاطلاع على أوضاع أندية زين والمنشآت الرياضية ومدى تطبيقها الاشتراطات المطلوبة، إضافة إلى الوعكة الصحية التي يمر بها مدير الهيئة، وكأن الهيئة لا يوجد بها إلا المدير ونائبه!
لجنة الحكام هي الأخرى كذلك تأبى كل موسم إلا أن تتحفنا بأخطاء حكامها المتكررة كما حدث في الجولتين الأولى والثانية، وليت الأمر يتوقف على خطأ تقديري، فالحكم بشر ومعرض لأن يخطئ في أية مباراة، لكن حادثة اصطدام الحكم عبد الرحمن العمري بمحترف النصر الأرجنتيني خوان مارسير خلال مباراة الأهلي والنصر تثير التساؤل واللغط، فالحكم هو من احتك باللاعب، ورغم أنه صرح وقتها بأن ما حدث عفوي، وأن اللاعب اعتذر إليه، إلا أن حالة الغضب والامتعاض كانت مسيطرة على الحكم لحظة الاصطدام، وكان بإمكانه أن يبتعد عن مواطن التهم والشك، وأن يحتوي الموضوع بابتسامة فورية مع المبادرة بالاعتذار للاعب، لا أن يقلب الحقائق رأسا على عقب!
أما قضية إيمانا فأعتقد أنها أوقعت أمانة اتحاد القدم واللجنة القانونية في مأزق مشروعية التصدي للقضية، عبر قانونية استدعاء رئيس تحرير صحيفة "هاتريك" الإلكترونية والبحث عن المصور والكاميرا وبطاقة الذاكرة، ويبدو لي أن الأمانة العامة للاتحاد السعودي بعد بيانها أمس الأول على لسان متحدثها الرسمي ما زالت شغوفة بالعودة مرة أخرى إلى دوامة الحكم على القضية عبر اللجوء إلى باب ما جاء في الشك والريبة والظن الذي تسبب العام الماضي في هبوط الوحدة، وتدويل القضية، وعدم هدوء عاصفتها الإعلامية إلا بعد بداية دوري الدرجة الأولى، ومشاركة فرسان مكة في أول مباراة مع نادي الصقور الأسبوع الماضي!
إن بروز هذه الأزمات من بداية الموسم يؤكد أننا ما زلنا بعيدين عن الاحترافية المطلوبة، وإلا فهل من المعقول أن تكون الاستعدادات والتجهيزات لدوري زين بهذا الشكل الذي لا يليق بطموحاتنا وتطلعاتنا؟ وأين اللوائح والأنظمة والمواد التي تساعد كل لجنة على أن تحكم مباشرة ودون تأخير على أية قضية تستجد على الساحة الكروية دون أن يحدث تداخل في المواد أو قفز على الاختصاصات والصلاحيات؟ ولماذا لا تقطع اللجان الطريق على من يتحين الفرصة لممارسة صخبه الإعلامي وإثارته المبتذلة التي أصبحت تخترق جدار الذمم وتنفذ باتجاه شخصنة القضايا وبث سموم التعصب؟ وهل وصل الحال باللجنة القانونية إلى أن عجزت عن البت في قضية إيمانا والصحيفة، لتجعلها أرشيفا وذكرى محفوظة في ذاكرة اللجنة بدلا من تفصيل القضية وتسبيبها؟
أدرك أن الخطأ وارد والعصمة ممنوعة، لكن أن تكون الأخطاء بدائية بهذا الشكل العجيب فهنا أساس المشكلة وجوهر القضية التي يجب أن نسعى إلى حلها قبل أن نرتطم بـ"تسونامي" قضايا لا طاقة للجان به، ولا سيما أننا ما زلنا في بداية المشوار، فتصبح هناك فجوة وجفاء وأزمة ثقة بين الأندية واللجان كما هي الفجوة الصريحة بين هيئة المحترفين والأندية!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي