المخاطر البيئية للإشعاع بين الصناعة والصحة

يعرف الإشعاع بأنه طاقة تنبعث من مصدر ما وتنتقل خلال الوسط المحيط بها، حيث يحدث تفاعل وانتقال وامتصاص على شكل موجات أو جسيمات تعتمد كمية الطاقة فيه على نوعية ومصدر الإشعاع (المؤين أو غير المؤين)، كما أن الاهتمام والتسارع في استخدام تقنيات وتطبيقات المصادر الإشعاعية في العقدين الأخيرين في العالم في المجالات الصناعية والبحثية والتشخيصية أسهمت في الارتقاء بمستوى ونوعية المنتجات والمواد المستخدمة، التي تعتمد في تقنياتها على الاستفادة من بعض الخواص الفيزيائية مثل (أشعة غاما والأشعة السينية) على اختراق هذه المواد والعناصر.
استخدامات الإشعاع الصناعية والتشخيصية تتمثل في: التطبيقات الطبية من خلال التصوير المقطعي بالكمبيوتر والتصوير بأشعة غاما والتنظير الفلوري والأشعة السينية وكذلك العلاج بالأشعة كما هو الحال في مرضى السرطان، التنقيب والتفتيش في عمليات تسجيل خصائص آبار الزيت أو الغاز أو أجهزة اقتفاء آثار الإشعاع، المعاينة والتفتيش للمصادر والمواد المشعة في مجالات التصوير الإشعاعي الصناعي وأجهزة تحليل السبائك المعدنية وأجهزة قياس الكثافة والرطوبة، المختبرات العلمية المتقدمة في تحليل المواد الإشعاعية وعملية المسح الإلكتروني، الأمن الصناعي المتمثل في استخدام الأشعة السينية في تفتيش الأمتعة وأغراض السلامة من خلال عرضها على شكل صور تلفزيونية، إنتاج وتصنيع الحديد والصلب وكذلك الأسمنت، استخدام أشعة غاما والأشعة السينية في إنتاج بذور زراعية ذات جودة عالية في الزراعة من خلال إحداث طفرات جينية في هذه البذور، الحفظ والتعقيم الإشعاعي للأغذية من خلال تعريضها لجرعات صغيرة من أشعتي بيتا وغاما، واستخدامات الأشعة الذرية في الأبحاث العلمية والطبية والجيولوجية.
كما أن استخدام الأشعة الذرية من خلال المفاعلات النووية في توليد الطاقة الكهربائية من خيارات توجه الطاقة البديلة والنظيفة، حيث تشير بعض الإحصائيات إلى أن ما نسبته 25 في المائة من استهلاك دول العالم للكهرباء مصدره المحطات النووية البالغ عددها 510 محطات في أكثر من 40 دولة في العالم.
معظم العلماء في هذا المجال يذكرون أن هناك خطرا كامنا حتى في أصغر الجرعات الإشعاعية التي يتعرض لها الإنسان، ويمكن التعبير عن جرعة الإشعاع بوحدات ''سيفرت''، التي يتعرض الفرد في المتوسط لنحو 3 ميليسيفرت/ سنة، وبغض النظر عن صِغر مقدار الجرعة فإن الخطر يظل قائما، وتشير كل الهيئات العلمية المنوطة بالإشعاع حول العالم، ومنها (وكالة حماية الصحة، مفوضية الأمم المتحدة المعنية بآثار الإشعاع الذري، واللجنة الدولية للوقاية من الإشعاعات) إلى النظرية التي تفترض عدم وجود بداية للجرعات الإشعاعيه الآمنة، وترجح تلك النظرية انخفاض الأخطار بصورة نسبية كلما انخفضت الجرعة، حيث يلاحظ ارتفاع نسبة الأمراض السرطانية، خصوصا سرطان الدم وسرطان الأجنة، في المناطق التي تتعرض أو تكون بالقرب من المصادر الإشعاعية.
''الهاتف النقال'' وهو مثال لبعض الاستخدامات اليومية التقنية، وبحسب ما ذكرته منظمة الصحة العالمية فإن كمية الإشعاع المنبعثة التي يمتصها الجسم من الهواتف الخلوية ليست متساوية، حيث يتم تحديد الخطورة الصحية من الهاتف النقال بقياس مستوى الإشعاع الذي ينبعث منه ويعمل الجسم على امتصاصه، والمعيار المستخدم هنا هو معدل الامتصاص المحدد الذي يقيس طاقة الذبذبات الإشعاعية التي يحصل عليها الجسم من الجهاز، فكلما قل معدل الامتصاص يكون تعرض الجسم لكمية الإشعاع أقل.
إن عملية البناء والمنافسة والحماية في هذا الخصوص في حاجة إلى ترتيب الأولويات، فتعليم وتدريب الكفاءات الشابة الوطنية والحرص على تشجيع وتبني شريحة كبيرة منهم للدراسة والتدريب في مجال التخصصات العلمية والفيزيائية والبيئية المتوافرة في بعض الهيئات والمدن الحكومية المستحدثة بهدف مواكبة التقدم التكنولوجي والتقني ومستجدات التطبيقات والاستخدامات السلمية للطاقة النووية والأشعة الذرية والمشاركة العملية في توجه التنمية المستدامة، مع الأخذ في الاعتبار أن توافر مراكز الأبحاث والدراسات الإشعاعية هو الرهان على تهيئة مجتمع صحي آمن من المخاطر البيئية والإشعاعية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي