حدث في شهر رمضان

يرتبط شهر رمضان المبارك في ذاكرة كل مسلم بمكانة خاصة لا يضاهيها شهر آخر، فهذا الشهر الذي خصه الله بشعيرة الصيام، وما يرتبط بها من عبادات، طبع حياة المسلمين في كل مكان بطابع خاص، وجعل كثيراً من أعمال البر والخير تبذل أثناءه، هذا الشهر الذي شهد نزول القرآن الكريم على سيد البشر - صلى الله عليه وسلم - وشهدت أيامه أحداثاً كان لها دور بارز في مسيرة التاريخ الإسلامي، يستبشر به المسلمون حين يحل، ويحزنون حينما يرون أيامه تمر سراعاً، بعد أن ألفوه واطمأنت نفوسهم إليه.
خصوصية هذا الشهر الكريم جعلت المسلمين يحتفون به ويسترجعون ما جرى خلاله من أحداث، وكثيرٌ من الصحف ضمن احتفائها بشهر رمضان المبارك تخصص زاوية للحديث عن الشهر الكريم وما وقع فيه من أحداث عبر القرون الماضية.
هذا الرصد للأحداث الرمضانية الذي تقوم به بعض الصحف في كل عام، أصبح أمراً متعارفاً عليه، وإن كان يركز في الغالب على جوانب مشرقة من تاريخنا الإسلامي، فيرصد الانتصارات، ويتغافل عن الهزائم والإخفاقات.
هذا الرصد سيستمر عبر أعوام قادمة، ويوثق أحداثاً نعيشها الآن، بخيرها وشرها، أحداث لم تخل من مآس مرت ببقاع عديدة من العالم الإسلامي.
رمضان هذا العام مختلف عن رمضان في الأعوام الماضية، بما شهده من أحداث راوحت بين ما هو مدمٍ للقلب وباعث على الأسى وهو الغالب، وبين ما يحمل البشرى للمسلمين وهو الاستثناء.
رمضان هذا العام حينما يتناوله المؤرخون في القادم من السنين سيشيرون إلى ما أريق خلاله من دماء، ممن لم يراع للشهر حرمة ولا للنفس عصمة، وسيتحدثون عن مساجد منع أن يذكر فيها اسم الله، وعن مآذن هدمت، وعن طاغية أوغل في القتل والتدمير، كما سيتحدثون عن حرب مدمرة تشتعل في بلد مسلم بين حاكم طغى وتجبر، وبدل في دين الله، وشعب ينشد الخلاص.
سيتحدث المؤرخون عن أوضاع مضطربة عاشتها بقاع عديدة من العالم الإسلامي، بعد ثورات أريد لها أن تعم لتشمل المحسن والمسيء، ولتكون مدخلا لإعادة تشكيل خريطة العالم الإسلامي.
كما سيتحدث المؤرخون عن مجاعة ضربت جزءا من العالم الإسلامي، بعد أن غفل عنه القادرون، وتركوه يواجه مصيره.
هذه الجوانب المحزنة التي طغت على شهر رمضان هذا العام، تقابلها أوجه مشرقة، تتمثل في ملايين المسلمين الذين ازدادوا تمسكاً بدينهم، ووقفوا أمام آلة القتل والقمع رافعين أيديهم للسماء، مكبرين وداعين الله أن يرفع عنهم الغمة، وأن يبعد عنهم الفتنة.
كما سيوثق المؤرخون إنجازاً شهده هذا الشهر، تمثل في الإعلان عن توسعة سيشهدها الحرم المكي الشريف، توسعة تعلن أن هناك فرقاً بين من يُعمّر مساجد الله، وبين من يسعى في خرابها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي