أين نقف من صناعة الاستثمار في السياحة البيئية؟
يمكن تعريف ''اقتصاديات السياحة البيئية'' بأنه العلم الذي يهدف إلى تحقيق أقصى درجة ممكنة من احتياجات رواد السياحة البيئية عن طريق الاستغلال الأمثل للموارد السياحية البيئية المتاحة من خلال توافر التطبيقات وتهيئة القواعد والنظريات الاقتصادية المناسبة.
الجدوى الاقتصادية للسياحة البيئية في منظورها الاستراتيجي عالية ومربحة لكونها تتعامل مع موارد طبيعية مستدامة، ويمكن لنا توقع وفهم نجاح الاستثمار والعائد الاقتصادي الذي يسهم بدوره كذلك في التنوع في توظيف الأموال، زيادة دخل سكان الأرياف، تشجيع الاتجار بالصناعة والبضاعة الوطنية، توفير فرص كبيرة للعمل والتوظيف، تحسين مستوى المعيشة ونوعيتها بصفة عامة، وتكمن الأهمية الاقتصادية للسياحة البيئية في مجال (الاقتصاد الآمن) لكون ممارسة السياحة البيئية، التي هي من أكثر الموارد ندرة في العالم، حيث يستفاد من ندرتها في تحقيق التنمية المستدامة بما يمكن الحصول عليه من العوائد والأرباح المالية.
تسهم اقتصاديات السياحة البيئية في دعم التنمية المحلية والإقليمية في المملكة، توفير مصدر دخل جيد للسكان الريفيين والمحليين، الحد من زحف التنقل والسكن باتجاه المدن الحضرية ومن ثم تخفيف الضغط على المنظومات الخدماتية الرئيسة في قطاعات الصحة والتعليم والإسكان.
تشهد السياحة - بمختلف أنواعها وأشكالها - في دول مجلس التعاون الخليجي نموا كبيرا، وباتت تلعب دورا كبيرا في التنويع الاقتصادي وتحقق التنمية الاقتصادية الإقليمية المتوازنة وتسهم في تطوير الموارد البشرية، وبلغت معدلات النمو السياحي في دول المجلس في عام 2008 ما نسبته 10 في المائة، وتتميز السياحة في دول مجلس التعاون الخليجي بالتنوع، فمثلا عمان تمتلك العديد من الأماكن المؤهلة للسياحة البيئية والطبيعية، والمملكة تعتمد علي السياحة الدينية، وتعتبر الإمارات رائدة في سياحة الترفيه والفعاليات، وتعتمد البحرين على سياحة الثقافة والترفيه، والكويت علي سياحة التسوق وسياحة رجال الأعمال.
وتزخر دول المجلس بالعديد من المناطق سواء البرية أو البحرية أو الجبلية المؤهلة للسياحة البيئية، حيث تتميز دول المجلس بالتنوع الفريد في خصائصها الطبيعية والتاريخية والثقافية والتراثية التي تجعلها تتميز ببيئة طبيعية متنوعة جاذبة للسياح من مختلف أنحاء العالم، كما هو الحال مثلا في تميز الإمارات ممثلة في إمارة دبي من خلال حصولها على (أفضل نموذج للسياحة البيئية المستدامة) في منتجع المها الصحراوي، الذي يقع في محمية دبي الصحراوية، وتجدر الإشارة إلى أن أبعاد التواجد والحضور في هذا التوجه للدول الخليجية على وجه الخصوص تسهم في خدمة التنمية والاستثمار والتنمية المستدامة من خلال توافر بعد سياحي، وهو تميز في قطاع وصناعة السياحة، بعد بيئي من خلال تميز في مجال حماية البيئة والموارد والمحميات الطبيعية والاهتمام بالصداقة مع البيئة، بعد تنموي وتخطيطي يجسد المساهمة في تنفيذ تطبيقات التنمية المستدامة، بعد اقتصادي استثماري يلاحظ في توافر العوائد المالية الكبيرة من السياح، بعد علمي وتصنيفي يتناغم مع الطموح في مواكبة التميز والتقدم في الترتيب والتصنيف العالمي للدول المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية.
عدد السياح في العالم يشهد تسارعا وزيادة ملاحظة، حيث كان إجمالي العدد عام 1997 ما يقارب 600 مليون سائح، وفي عام 2010 وصل إلى مليار سائح، ويتوقع أن يصل العدد في عام 2020 إلى مليار و600 مليون سائح على مستوى العالم، حيث تتنوع الأنشطة ذات العلاقة بمفهوم وتطبيقات السياحة البيئية، وتتمثل في (تسلق الجبال، رحلات السفاري والصحراء، الرياضات المائية والغوص، الصيد البري للطيور والصيد البحري للأسماك، الرحلات في الغابات ومراقبة الطيور والحيوانات، استكشاف الوديان والجبال، إقامة المعسكرات، تصوير الطبيعة، زيارة مواقع التنقيب الأثرية، والتجول في المناطق الأثرية).
ونشير في هذه العجالة إلى لمحة مختصرة عن العائد الاقتصادي لبعض الدول السياحية في العالم في عام 1997، فقد حصلت تونس على مبلغ وقدره 1.300 مليار دولار، مصر على 3.800 مليار دولار، تركيا على ستة مليارات دولار، بينما حصلت بريطانيا على عائد مادي وصل إلى تسعة مليارات دولار، ويمكن للمتابع أن يقارن حجم العائد المادي لهذه الصناعة في السنوات الأخيرة عطفا على تسارع الاهتمام الاستراتيجي واستخدام التقنيات العلمية.
كما يظهر تأثير الاستثمار والتنمية في السياحة البيئية في المساهمة والتهيئة لتوجه الحد من المخاطر والأمراض الصحية الناجمة عن التلوث البيئي من خلال تناول وتفعيل ثقافة المحافظة على الموارد الطبيعية ومحاربة مصادر التلوث والاستغناء عنها بموارد نظيفة وصديقة للبيئة بهدف تهيئه المناخ الصحي الآمن للمجتمع.