الصومال .. إغاثة تسابق الزمن

لا أحد يشك في أن العالم الإسلامي، دولا ومؤسسات، تأخروا كثيراً في معالجة الوضع في الصومال، سواء من خلال العمل كدول أو من خلال منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية، فالصومال يعاني منذ عقود أزمات متتابعة، جمعت بين الفقر والجوع والصراع على السلطة بين جماعات كلٌ منها يدعي الحرص على هذا الشعب.
التأخر في معالجة الوضع في الصومال والاكتفاء بمراقبة الوضع من قبل معظم الدول الإسلامية جعل من هذا البلد المسلم بؤرة للمشكلات والاضطرابات التي قسمت هذا البلد وانتقلت إلى الدول المجاورة، سواء عبر مئات الآلاف من اللاجئين الذين يهربون من الحرب فيقعون في مصيدة الجوع، أو يغرقون في البحر، أو عبر عصابات تهدد الملاحة البحرية، كما جعل الصومال وما يمثله من موقع استراتيجي مهم مطمعاً لقوى دولية وإقليمية عديدة.
هذا الوضع المتأزم في الصومال وإن غاب عن كثير من الدول، لم يكن غائباً عن اهتمام المملكة التي طالما كانت السباقة إلى إغاثة الشعوب الإسلامية وبذل الجهد للتوفيق بين الأطراف المتنازعة فيها، سواء أكانت هذه الجهود معلنة أم عبر القنوات الدبلوماسية .
وبالأمس انطلقت في مناطق المملكة كافة الحملة الوطنية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ حفظه الله - لإغاثة الأشقاء في الصومال، هذه الحملة التي سبقها تبرع المملكة بمبلغ 50 مليون دولار لتوفير الغذاء عبر برنامج الغذاء العالمي وعشرة ملايين دولار لتوفير أدوية ولقاحات، إضافة إلى تأمين كميات من التمور.
هذه المبادرة الإنسانية التي تقوم بها المملكة حكومة وشعبا لتخفيف المعاناة عن شعب الصومال لم تكن الأولى، فالمملكة لم ترفع يدها عن هذا البلد الشقيق، وقد سبق هذه الحملة سعي حثيث ومبادرات عديدة لجمع أطراف الصراع في الصومال وحل الخلافات بينهم، وهي مبادرات حال تعنت هذه الأطراف دون وصولها إلى حل يُجنب الصومال الوضع المأساوي الذي نراه الآن.
الوضع في الصومال بلغ مرحلة الكارثة، فنصف عدد السكان يهددهم الموت وتحاصرهم الأمراض ويعانون المجاعة، ومشهد النساء والأطفال والشيوخ في هذا الوضع المؤلم، يبين مدى الحاجة إلى إغاثة عاجلة، يتبعها جهد إسلامي مشترك ينهي صراعاً طال أمده، جهد ينقل هذا البلد من حالة التمزق والفوضى إلى حالة الوحدة والاستقرار، ودون هذا التدخل سيظل الصومال جرحاً في جسد الأمة ينزف وشاهداً على عجز المسلمين عن معالجة أوضاعهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي